لو أردت أن أكون أكثر دقة لغيرت عنوان المقال لـ «العالم الذي يتغيّر» فهو مناسب أكثر من «العالم الذي نعيش»، لأن العالم تغيّر ويتغيّر، وما إن تصبح فيه على شيء، حتى تمسي على شيء آخر، والغريب ليس في التغير، فهي سنة الحياة، بل في السرعة، حتى أن بعض الابتكارات بدأت لتنتهي، ليحل محلها ما هو أفضل منها. هذا العصر لن يدونه التاريخ بعصر الصعود للقمر، بل بعصر الإنترنت وتوابعه من ذكاء اصطناعي وروبوتات. في حلقة «يوتيوبية» لبعض المهتمين والمختصين بالتكنولوجيا توقعوا شكل العالم بعد عشرين عامًا، واندهشت من شكل العالم الذي توقعوه، عالم مرتبط في عالمنا لكنه لا يشبهه بصورة عامة. توقعوا أن تصبح الزراعة عمودية، ولن تحتاج إلى أراضٍ بل إلى مبانٍ، ولن تزرع النباتات في التربة وستكتفي بالمياه المزودة بالأسمدة. طريقة الزراعة هذه موجودة اليوم لكنها محدودة، لكنهم توقعوا انتشارها لتكون البديل للزراعة التقليدية. توقع المختصون اختفاء أجهزة الهاتف التقليدية «الجوالات» وبديلها عبارة عن شريحة صغيرة توضع على القميص، الشريحة تصدر ضوءًا من عدة أبعاد يظهر لوحة مفاتيح وشاشة. سبق وشاهدت تقريرًا عن هذه التقنية، ويبدو أنها البديل الفعلي، أي أننا في المستقبل لن نحمل أجهزة للاتصالات. تخيلوا أن أحدث هاتف لأبل اليوم سيكون بعد 20 عامًا في متحف الماضي. توقع المختصون في حلقة التنبؤ عن المستقبل أن الروبوتات ستنتشر وسيكون وجودها في الشوارع مظهرًا عاديًا، لكنها ستكون على درجات، الأغنياء سيحظون بالربوتات الأفضل! لم أستغرب توقعهم في اختفاء الأموال الورقية بشكل كامل، وحلول التطبيقات بديلًا عن البنوك، كانت هناك توقعات أخرى، وللأسف لم يكن من ضمنها شيءٌ يخدم صحة الإنسان النفسية، ولا ما يقوي علاقاته الاجتماعية. آمل ألّا تحاول التقنية إبقاء الإنسان وحيدًا، وألّا تضع نفسها بديلًا عن عائلته وصداقاته. قد نعرف بعض ما ستفعله التقنية والذكاء الاصطناعي من تغييرات في المستقبل، لكننا لا نعرف إن كان ذلك سيسعد الإنسان أو يجعله أكثر وحدة!.