الإدارة رفضت عرض المليون ريال.. والفيصل غيّر الاسم واللون
الأهلي الأزرق يحلم بالفيصلي
في التاريخ كثيرٌ من المساحات الفارغة.. كثيرٌ من الأصوات السائرة في ركاب صرخات نائية بعضها ذرية من بعض.. وكثيرٌ من الحقائق المغيَّبة تحت الأرض السابعة.. وسيظل التاريخ مفتوحًا حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.. سيبقى غامضًا مرتبكًا كظلمات في بحر لجي.. وحينما تتقلب أوراق التاريخ، وأوراق الكرة السعودية في صحراء واحدة وفي ليلة واحدة فسيتبين ذلك الأهلي بكل تاريخه وكل إرثه وميراثه كمثل الذي استوقد نارًا.. والأهلي علم في رأسه نار ونور ومجد وماجدون.. وفي وسط مناكفات حكايات تأسيس الأندية حينما يترامى كلام التاريخ بكل جبروته عن الأربعة الموصوفين مجازًا بالكبار تلمع هناك أسماء كانت لها فكرة السيرة الأولى لا أكثر ولا أقل.. هناك شخصيات ورجالات رسمت وكتبت وقالت ثم استأثرت ببصمات التشييد.. وهذا من حقها.. ثم جاء آخرون اجتهدوا وتحدوا وناضلوا.. إنها حرب البدايات التي تحتاج إلى شيء آخر أكبر بكثير من مجرد الأفكار.. هؤلاء الآخرون هم الذين نلتمس الحقيقة وراء خطاهم.. نلتمس مسافات بعيدة كان تخطيها وتجاوزها وطيها أمرًا مستحيلًا لولا وجود الرجل المناسب في المكان والزمان المناسبين.. ولكل هذه المناسبات حين نولي وجوهنا قبل الأهلي فثمة وجه الأمير عبد الله الفيصل واضح الملامح والبيانات التي لا تخالجها ثورة شكٍّ.
اجتمع الخريف بإدارة ناديه، ثم كان الرفض قرارهم.. لم يوصد عبد الله الفيصل الباب، وإنما واصل محاولاته وفتح خطًّا ساخنًا مع القابضين على قرار الفيصلي في المجمعة.. عرض عليهم مليون ريال مقابل هذه الصفقة.. الاسم بمليون ريال.. كان سيصبح أغلى اسم في التاريخ.. أيضًا رفضوا.. ويروي سليمان التركي، رئيس الفيصلي في إحدى مراحله من السبعينيات الميلادية، بعض تفاصيل القصة، يقول: “.. بالفعل هذا ما عرفته من محمد الخريف، رحمه الله، رئيس النادي في ذلك الوقت.. وهذه قصة متداولة لدينا في أوساط النادي”.
ويضيف التركي: “ورد اتصال من النادي الأهلي يطلب من نادينا التنازل عن اسم الفيصلي لمصلحة النادي الأهلي، وهذا برغبة من الأمير عبد الله الفيصل، رحمه الله”.
ويتابع التركي سرد الحادثة التاريخية: “منحونا الاختيار إذا تنازلنا بين أن نحمل اسم الأهلي أو نسمي نادينا بأي اسم آخر، وعرضوا علينا مليون ريال، لكن إدارة نادينا في ذلك الوقت رفضت، وأغلقت الموضوع”.
وفي الطرف الأهلاوي، قلَّل الدكتور عبد الرزاق أبو داود من فكرة التعاطي مع هذه الخطوة، مشيرًا إلى أنه بوصفه رجلًا خبيرًا في تاريخ الأهلي، لا يذكر أبدًا طرح قضية تغيير اسم النادي الأهلي، وقال أبو داود: “قصة طلب الأهلاويين من النادي الفيصلي استحواذ الاسم لم يسبق لي أن سمعتها.. هناك أشياء كثيرة في تاريخ الأهلي يمكنني الحديث عنها، لكن الاسم وتغييره ليس من بينها”. ويضيف أبو داود، الذي ارتبط بالأهلي لاعبًا وقائدًا ورئيسًا: “كانت ألواننا الأزرق والأبيض، وعبد الله الفيصل بعد أن تولى الأمور كمحبٍّ وعاشق للنادي الأهلي غيَّر الألوان إلى الأخضر والأبيض منذ تلك الأيام وحتى الآن.. كان لوننا أزرقَ، لكننا تركناه، ثم دارت الأيام وارتدى نادي الهلال هذا اللون، أما مسمَّى الثغر فبالفعل كان اسم نادينا الثغر، وقبلها الأهلي، ثم جاء الأمير عبد الله الفيصل وأعاد الأهلي مجددًا”. كان الأهلي يسعى جاهدًا ليكون الفيصلي.. هذه شهادة واضحة العيان خرجت من المجمعة.. وشهادة جداوية أخرى في اتجاه آخر.. كان الأهلي أزرق كبحر تتراقص أمواجه وتتغنى.. جدة كدا.. فيصلي وبحر..!!