فهد الهريفي.. (موسيقار) الحي لا يطرب!!
ابن المدينة الجنوبية الهادئة في أحضان النخيل (بيشة). لم يكن يزعجها بدحرجة الكرة في أزقتها وحواريها، بقدر ما كان (يُبهر) أقرانه في الحي أو في المدرسة بمهارات قدميه الصغيرتين. مواليد (1965م).
أنيق المظهر. أنيق الملبس. أنيق في سيطرته على الكرة. حد الدهشة. يؤمن أن الكرة بين قدميه لا تستحق الركل، بل تستحق ملاعبتها كما يلاعب الحاوي ثعابين جرابه.
سيطرة ساحرة تنتزع الآهات من أفواه المتفرجين. في عرض مجاني.
في الثامنة عشرة من عمره. أحاط سور موهبته بـ(النخيل). ذلك هو نادي مدينته. لكن السنة الكروية الأولى لم تمر (1982ـ1983م) إلا وكانت عيون الرمز النصراوي الأمير عبد الرحمن بن سعود (يرحمه الله) المنتشرة في مناطق المملكة ومنها بيشة قد رصدته له: (طال عمرك يابو خالد.. في ولد لعيب في الوسط يصلح في النصر). ردد الأمير فورًا: نكلم ناديه فورًا. وتمت الصفقة. وأصبح نصراويًا من موسم (1984ـ1985).
من يتخيل أن لاعبًا شابًا قادمًا من نادٍ ريفي بالدرجة الثانية يجد مكانًا له بين عمالقة العصر الذهبي داخل قلعة العريجا الصفراء؟ ماجد. يوسف. محيسن. سرور. وغيرهم. عازف بيشة الكروي فعلها. بل غرس أقدامه كجذور النخيل، عميقة في أرض (فارس نجد).
كان قد خاض مع فريقه الجديد عدة مباريات ودية. لكن ظلت مباراة الوحدة الودية والتي انتهت نصراوية بنتيجة رباعية. بداية صعود نجمه عند تسجيله لهدفين من الأربعة.
مما دفع مدرب الفريق (باولو سيزار) إلى مفاجئة النصراويين والوسط الرياضي بالدفع به في التشكيلة لأولى مواجهات الفريق في الدوري 1984م أمام القادسية.
ازداد نجم موهبته لمعانًا. تم ضمه إلى قائمة منتخب الشباب الذي شارك معهم في كأس آسيا 1985م بالإمارات. وكأس العالم 1986م بروسيا. وكان صاحب أول هدف سعودي مونديالي فيها. ومن هنا بدأت أولويات ميزته:
فكان صاحب أول هدف رسمي في تاريخ استاد الملك فهد الدولي 1988 م بمرمى عمان. وصاحب أول هدف في تاريخ بطولة القارات 1992م بمرمى أمريكا. وأول هدف سعودي عربي آسيوي في تاريخ كأس العالم للأندية باسمه (2000م).
ثم صعد ذلك الشاب في العام نفسه إلى السقف الدولي الأعلى. المنتخب السعودي الأول، الذي خاض معه (86) مباراة خلال (16) بطولة.
من هنا تبدأ حكاية مختلفة (لفهد) قَدِم من بين نخيل بيشة إلى العاصمة الرياض. ومنها إلى فضاء النجومية.
خلال سنتين ازدادت ساقي ابن (النخيل) ثباتًا في أرض (الأخضر) وتدلت بأول ثمارها في العاصمة القطرية الدوحة. عندما أسهم ابن الهريفي مع بقية صقور المنتخب في حصد لقب القارة الآسيوية للمرة الثانية (1988م).
وواصل محليًا نثر الثمار بحمل النصر لقب الدوري. فيما حصد هو لقب أفضل عربي. لقد قدّم موسمًا تاريخيًا.
لم يتوقف عزف أولويات صاحب اللقب الشهير (الموسيقار). هناك في أول مونديال تتأهل له السعودية. كان فهد ضمن القائمة الأساسية للمدرب سولاري. وكان صاحب تمريرة أول هدف في كأس العالم 1994م بأقدام زميله فؤاد أنور . قدم عرضًا رفيعًا في المونديال بعد انضمامه.
بعد مونديال أمريكا. الأجواء مشحونة. فضَّل مغادرة المشهد الدولي للأبد.
ليس هناك نصراوي مهما اختلف معه، ينكر دور فهد في حمل النصر لقب دوري (1995م) بحمله الفريق على عاتق إمكانياته وموهبته في ظل غياب بعض نجوم الفريق. حتى سُمي إنصافًا له، بدوري الهريفي.
بعد هذا اللقب. أنهكت مسيرته الكروية المشكلات المتعددة ثمنًا لمواقفه الصريحة والصدامية. فقد توقف أيضًا عن اللعب قرابة ثلاثة مواسم، بعد خلاف حاد مع الرمز النصراوي. ثم عاد موسم 2000/1999م مع إدارة الأمير فيصل بن عبد الرحمن. وشارك الفريق مونديال الأندية. ثم ترجل كالنخيل واقفًا.