الثري محليّا.. الفقير دوليّا
ابن “المهلل” الذي لم يستطع أخذ ثأره ممن سرقوا الأضواء منه
من أطلق عليه في التسعينيات الميلادية لقب “السكب” تيمنًا بالجواد السعودي الأصيل في ميادين السباقات، قد أنصفه. ومن لقبه بـ “الليزر” لم يبالغ في وصفه إطراءً لأدائه الكروي. كان سريعًا، جامحًا. وهو يركض واثقًا، برأس مرفوعة وعينين ماكرتين في مواجهة الباب والحارس وأعتى المدافعين عنهما.
هو فهد عبد الرحمن المهلل، الذي طوى قبل أيام عامه الـ 52 من العمر. قضى ثلثها في عالم الكرة.
بعد ثمانية أعوام من انضمامه إلى نادي الشباب 1986م، ظهر اسمه ضمن القائمة الدولية التاريخية التي تشارك في مونديال عام 1994م بأمريكا. أول منتخب كروي سعودي مونديالي.
حتى ما قبل هذا التاريخ المحصور بين قوسي مطلع التسعينيات ومنتصفها. كان فتى الليوث فهد المهلل، يُعدّ من أثرى المهاجمين السعوديين تأثيرًا ومساهمة أهدافًا وأداءً، في اغتناء ناديه بالبطولات. سطوة الليث الأبيض الشبابي، أنشبت مخالبها في جسد الألقاب المتنوعة:
دوري أعوام 1991ـ1992ـ1993، كأس ولي العهد 1993، بطولتا الخليج للأندية عامي 1993ـ1994، بطولة الأندية العربية 1993.
أما على الصعيد الشخصي توج بلقب هداف الدوري عام 1991م بـ 21 هدفًا، حامل الحذاء الذهبي كأفضل هدافي العرب في العام ذاته، هداف الخليج عام 1994م.
كل هذا الثراء التهديفي والفني والبطولي بالقميص الأبيض والأسود. لم يشفع له للعب في مونديال أمريكا، لو لدقيقة واحدة!، هجوم الصقور الخضر كان مكتفيًا بالتحليق بجناحي ماجد عبد الله وسامي الجابر.
ويقال إن عدم انضباطه في التدريبات والالتزام بالرؤية الفنية للمدرب الأرجنتيني سولاري. حيّد مشاركته.
هل أحبطه ذلك؟ من يعرف “السكب” وجموحه وعناده لن يتفاجأ بإرادته.
لذا انتظر بعدها أربعة أعوام أخرى، حقق فيها بطولة كأس ولي العهد، والنخبة العربية مع الشباب، وبطولة أمم آسيا. وجميعها عام 1996م. ليسجل اسمه مجددًا في القائمة المونديالية لعام 1998م في فرنسا، ليلعب مبارته المونديالية الوحيدة من ثلاث مواجهات خاضها المنتخب السعودي.
قادته غرفة العلاج من إصابته بنادي الشباب إلى حي العريجاء حيث نادي النصر، فقد دفعت عيون القائمين على نادي الشباب على تسريحه: لقد اكتفينا منه.
وصلته الرسالة غير المباشرة من اختصاصي العلاج بالنادي، وعندما كانت عيون النصراويين تواصل غزلها له، استجابت لها إدارة الشباب فورًا. مقابل مليوني ريال.
هنا شعر أنه طُعن في خاصرة ولائه لشيخ الأندية: إنجازاتي وتضحياتي لم يكن لها تقدير!، هكذا قال ذات تصريح.
قبل أربعة أعوام من انتقاله إلى نادي النصر عام 2002م، كاد أن ينتقل على بساط عرض مغرٍ إلى نادي الاتحاد، لكن قرارًا من الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب وقتها، منع انتقال النجوم من الأندية غير المقتدرة ماديًا إلى الأندية المقتدرة ماديًا، حتى لا يُخل ذلك بتوازن المسافة والمنافسة بين الأندية.
“السكب” أو “الليزر”، ابن الـ 52 عامًا، يقف اليوم متفرجًا يرقب المشهد الرياضي، بعيدًا عن أي مهمة رسمية في المجال الرياضي، مكتفيًا بالتغريد في حسابه على “تويتر”، رافضًا كل الأبواب التي فُتحت له صحافيًا وفضائيًا، يبرر موقفه ذات لقاء: “الجو غير صحي، المجال مفتوح، لمن يفهم، ولمن لا يفهم. فلماذا أُدخل نفسي وسط هذه المتاهات؟”.