ريمونتادا كورونا.. أوميكرون.. كرة القدم تتأذى بشدة
بينما كان الاعتقاد السائد، بأن 2022 سيكون عام الخلاص من الفيروس القاتل، جاء الواقع قاسيا، براحة المرض المعدي الذي يتسبب في موت مفاجئ، خاصة في ملاعب كرة القدم، حيث وصلت أعداد اللاعبين المصابين بالوباء إلى نسبة تحاكي ذروة التفشي في الموجة الأولى، ما تسبب في إعادة بروتوكولات الوقاية والحضور الجماهيري، تطبيقا لمقولة الشاعر البريطاني جورج هربرت "لسنا بحاجة للشجاعة الآن بل للحذر".
في الدوري السعودي، تبدو الأمور على ما يرام، مقارنة بالوضع الحرج هناك في أوروبا والأميركيتين، بعد أن سجل الفتح 6 حالات قبل مباراته مع الهلال، وسبقهم بأسبوع حالات إيجابية تعد على أصابع اليد الواحدة، علي لاجامي ونايف الماس في النصر، أما بطل آسيا الهلال فقد أعلن البارحة سلامة أعضاء الفريق إثر إصابة الكولومبي كويلار، لحقها تركي العمار من الشباب ويحيى الشهري من الرائد، ورغم إعلان وزارة الصحة عن 744 حالة جديدة مصابة بالفيروس، إلا أن الداخلية ألزمت بارتداء الكمامة وتطبيق إجراءات التباعد مجددا في جميع الأماكن المغلقة والمفتوحة اعتبارا من غد الخميس حرصا على أجواء صحية آمنة.
بدأت إنجلترا حالة الطوارئ في كرة القدم، بعد تحول مانشستر يونايتد وتوتنهام وواتفورد إلى بؤرة لتفشي أوميكرون، تزامنا مع بداية موسم الصقيع في القارة العجوز، ما أعاد إلى الأذهان أحداث مارس 2020، التي أعقبها أطول فترة توقف في تاريخ اللعبة، بتأجيل مباراة أو اثنين للفرق الموبوءة، قبيل جولة 19 المسمّاة "بوكسينج داي"، حيث بلغت المؤجلات 15 مباراة، نتيجة اكتشاف أكثر من 100 حالة إيجابية، ما دفع رابطة الفريق إلى إلزام الفرق بلعب مباريات عيد الميلاد حتى لو بقائمة تضم 14 لاعبا فقط، وسط مطالبة مدرب تشيلسي توخيل وكلوب ليفربول وإيدي هاو نيوكاسل وتوماس فرانك برنتفورد، بالسماح بإجراء 5 تبديلات أثناء المباراة.
قبل لحاق الفيروس مؤخرا بمدرب آرسنال أرتيتا، وجناح تشيلسي أودي، ومدافع اليونايتد ليندلوف، أعلنت رابطة البريميرليج أن عدد اللاعبين المحصنين بجرعتين في الدوري الإنجليزي لا تتجاوز 68٪، على عكس نسب اللاعبين في إيطاليا 98٪ إسبانيا 97٪ فرنسا 95٪ ألمانيا 94٪، ومع ذلك أُجبر المدرب أنشيلوتي على خوض آخر مباراتين في 2021 أمام قادش وبلباو، منقوصا من نصف نجومه في كتيبة ريال مدريد، ولولا عطلة عيد الميلاد، لتضاعفت محنته، مثل غريمه الأزلي برشلونة الذي يدفع الآن ثمن امتناع بعض نجومه عن أخذ اللقاح، وهو ما تسبب بإصابة داني ألفيس، جوردي ألبا وكليمينت لانغليه، بجوار ديمبلي وأومتيتي.
يقول المحرران الصحافيان طارق بانجا وروري سميث، من صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، إن الأندية الإنجليزية لم تستطع إجبار 16٪ من لاعبيها على نيل أي جرعة من لقاح كورونا، في نفس الوقت باتت تواجه شبح تجميد المباريات ومنع دخول المشجعين إلى الملاعب، وهو ما دفع إدارات الأندية على ردم هوّة الفخ، بإضافة بند إلزامي في عقود اللاعبين لتلقي العلاج، كمعيار لا جدال فيه مع الوكلاء بأثر فوري ابتداء من الميركاتو الشتوي المقبل بعد أيام، ولقد وضعت هذه المشاكل سجل التطعيم المتأخر تحت رقابة شرسة، وأثارت تساؤلات حول سببب مواجهة أغنى دوري في العالم لهذه الصعوبات في إقناع النجوم بالتطعيم؟.
مع الزيادة المرعبة في ظاهرة الموت المفاجئ داخل المستطيل الأخضر، آخرهم الكرواتي كاشيش والجزائري سفيان لوكار والعماني مخلد الرقادي والأندونيسي توفيق رمزي، باتت العديد من التقارير الصحافية، تتعمد الربط بينها وبين مضاعفات الحصول على لقاح كورونا، حتى لو باستخدام عناوين جذابة، مثل كريس ويلر، صحافي الديلي ميل، الذي تساءل في تحقيق مطول قائلا: "لماذا ينهار الكثير من لاعبي كرة القدم؟ وهل هناك ارتفاع مقلق في السكتات القلبية بسبب تأثير اللقاح الذي تسبب في اعتزال بعض نجوم اللعبة؟". لكن نفى في داخل التقرير طبيب القلب الرائد في المملكة المتحدة، سانجاي شارما،، تلك المزاعم بقوله: "اللقاح ليس له علاقة لا بحالات الوفاة ولا الاختناق التي تصيب اللاعبين مؤخرا".
كذلك نفى روبرتو بيردو، طبيب القلب الخاص بمهاجم برشلونة المعتزل حديثا سيرخيو أجويرو، ما أشيع على نطاق واسع، بأن لقاح كورونا أثر بشكل سلبي على نبضات قلب المهاجم، كما حدث من قبل مع الدنماركي كريستيان إريكسن في المشهد المروع في يورو 2020، قبل أن يُغلق قسم التحقيق الخاص بوكالة "رويترز"، هذا الملف، بتقديم ما يُثبت طبيا، أن ممارسة كرة القدم والرياضة عموما لا تمثل أي خطر محتمل من تلقي اللقاح، بشهادة مختصين بحجم جون رين، الرئيس التنفيذي لوكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية البريطانية، البروفيسور جيفري موريس، مدير الإحصاء الحيوي في جامعة بنسلفانيا، وآخرون استبعدوا أن يكون اللقاح السبب إلى أن يثبت العكس، مثل موقف فيفا، الذي نأى بنفسه عن أسباب وفاة 108 رياضيا هذا العام.
بجانب ما سبق، بدأت تنتشر ظاهرة سلبية جديدة في ملاعب كرة القدم بسبب كورونا، إذ تكمن في الاستغلال المادي الذي تمارسه بعض الأندية تجاه المشجعين والزائرين، على غرار ما فعلته إدارة آرسنال، برفع قيمة الوجبات السريعة داخل ملعب "الإمارات" من 5 إلى 18 جنيه إسترليني، مقابل كوكاولا وبطاطس مقلية وساندوتش نقانق، وعلى غراره سار الجار اللندني الآخر تشيلسي، بإخطار جماهيره القاطنة في الحي الغربي الراقي، بالاستعداد لدفع ثلاثة أضعاف قيمة التذكرة الموسمية الحالي، حوالي 4000 جنيه إسترليني بدلا من 1250 حاليا، بحجة ترقية المرافق وتركيب ردهة جديدة وشاشات كبيرة ومقاعد مبطنة، والسؤال الآن.. هل سيكون 2022 عام الانفراجة حقا؟ أم ستستمر المشاهد السلبية في إرهاق الدائرة المستديرة ومشجعيها؟.