الدوري السعودي.. تجاوز الجميع.. منتزعا عرش آسيا
منافسة قوية وبطولة لا تعترف بالضعفاء، حيث تمتزج المتعة والجمال بين أقدام اللاعبين على المعشب الأخضر، يصاحبهما صراخ ملايين المشجعين الطامعين في الفوز، ووسط هذا الماراثون الطويل الشرس، يسقط كثيرون، ويتراجع آخرون، لكن دائمًا هناك من يصمد حتى خط النهاية، منتزعاً المجد ومتقلداً الذهب، ورافعاً يديه إلى السماء قائلاً: أنا البطل.
يقول الكاتب الإنجليزي ستيف برايس، وهو المحرر الرياضي البارز في مجلة فوربس الأميركية الشهيرة: "نجحت السعودية في نقل مركز القوة الكروية الآسيوية من شرقها إلى غربها، حيث غيّرت انتقالات الدوري السعودي الأخيرة من ملامح أسواق كرة القدم العالمية، في الوقت ذاته تسعى الرياض إلى أن تصبح مركزا رياضيا عالميا جديدا ينافس كبرى الدول".
يبدو أن ميزان القوى في آسيا بدأ في التحول بعيدا عن الصين واليابان، إذ تمكن صنّاع الاستراتيجيات الرياضية حكوميا، من جني الثمار التي زرعوها منتصف 2017، بعد أن استقطبت كبار الأندية السعودية نجوما لامعين من حول العالم، البرازيلي باولينيو لاعب برشلونة السابق، تاليسكا نجم بنفيكا، النيجيري إيجالو مهاجم مانشستر يونايتد، بانيجا صانع ألعاب إشبيلية، المالي ماريجا من بورتو، ومؤخرا البرازيلي بيريرا الذي انتقل من وست بروميتش ألبيون بصفقة قياسية تجاوزت 18 مليون يورو.
شهد الدوري السعودي للمحترفين العديد من التحولات على صعيد المسميات منذ انطلاقته موسم 2009، قبل أن يستقر أخيرًا على مسمى دوري كأس محمد بن سلمان للمحترفين، بينما شهدت البطولة حدثا لافتا قبل 3 أيام من مباراة اليوم الافتتاحية، بين الفيحاء والاتحاد، بتوقيع رابطة دوري المحترفين عقدا مع شركة "روشن" العقارية، والمملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، لتصبح بموجبها الراعي الرئيسي لأكبر بطولة في المنطقة العربية والآسيوية.
وكانت نقطة البداية عام 2008، حين تصدّرت السعودية دول منطقة الشرق الأوسط في تطبيق لوائح الاتحاد الآسيوي، وذلك بتأسيسها هيئة دوري المحترفين التي سُميت لاحقًا رابطة دوري المحترفين، لتتولى الإشراف الكامل على الدوري السعودي باستقلالية إدارية ومالية لحفظ الحقوق التجارية، بينما كان أول من ترأس إدارتها الأمير نواف بن فيصل تلاه محمد النويصر، ياسر المسحل ثم عادل عزت وبعده مسلي آل معمر، أما حاليا فيديرها المهندس عبد العزيز العفالق منذ سبتمبر 2020.
أدى النجاح القاري لبطولة الدوري السعودي، على يد رابطة المحترفين، إلى تدافع الشركات لتوقيع عقود رعاية رسمية، إذ تمكّنت شركة اتصالات زين من حسم الأمر لصالحها في موسم 2010-2011، بقيمة 60 مليون ريال للموسم الواحد، وهو ما استمر لمدة ثلاث سنوات، كما تغير اسم الدوري إلى "زين للمحترفين"، وكان أول من فاز باللقب هو نادي الهلال.
على نفس النهج سارت شركة عبد اللطيف جميل للسيارات، والتي انتقل إليها عقد الرعاية في موسم 2013-2014، مقابل 110 مليون ريال في السنة الواحدة، وأطلقت اسمها على البطولة، حتى أعلن معالي المستشار تركي آل الشيخ، إبان رئاسته هيئة الرياضة في سبتمبر 2017، عن تغيير المسمى إلى الدوري السعودي للمحترفين، وبعد أقل من عام أعلن إطلاق اسم كأس دوري الأمير محمد بن سلمان، تقديرا لما يقدمه سمو ولي العهد للرياضة وأهلها.
تشير الإحصاءات الرياضية، إلى أن ما تحقق خلال الأعوام الماضية يعدّ إنجازا كرويا بامتياز، إذ تجاوزت القيمة المالية للدوري السعودي حتى الآن 373 مليون يورو، متفوقا على الياباني 322 مليون يورو، والصيني 245 مليون يورو، الإماراتي 198 مليون يورو، وأخيرا القطري 144 مليون يورو، فيما تعتبر أهداف رابطة المحترفين واضحة بإيصال الدوري إلى المراكز الـ10 الأولى في العالم فنيا، والمساهمة بإيجاد رعاة وشراكات، والمحافظة على حقوق الأندية تجاريا.
يطمح مسؤولو الرياضة بالتعاون مع الرابطة، بأن ينافس الدوري السعودي إعلاميا وفنيا وجماهيريا وتسويقيا، كبرى الدوريات الأوروبية مثل البريميرليج والليجا، وهو ما يستلزم زيادة الإنفاق المالي على الأندية، ويرى المختصون أن هذا أمر ممكن ومقنع جدا خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث ساهمت الرياضة في الناتج المحلي بمبلغ 6.5 مليار ريال 2018، ومن المتوقع أن يتضاعف الرقم في ظل الدعم اللا محدود الذي يقدمه سمو ولي العهد، والذي احتفى البارحة في بطل الكاراتيه طارق حامدي، وقبلها الهلال بطل آسيا 2019، وأيضا المنتخبات السعودية.