بيريرا الهلال.. ساحر برازيلي يتحكم بأمزجة المشجعين
إذا رغبت في افتتاح صباحك، أو الاستمتاع بوقتك مساء، فما عليك إلا تناول القهوة السوداء لتصبح خلّاقًا ومنتجًا ومبدعًا، وهناك شيء آخر يضاعف جمال يومك، وهو مشاهدة مقاطع فيديو البرازيلي ماتيوس بيريرا، إذ أن طريقته في "ترقيص" الخصوم تحسّن مزاجك مباشرة، وهي بلا شك ميزة احتكرتها بلاده التي تربّعت على عرش إنتاج معشوقة الملايين، من الحبوب السمراء بنحو 2.6 مليون طن في 2020.
ولد ماتيوس بيريرا يوم 5 مايو 1996، في مدينة بيلو هوريزونتي البرازيلية، والمعروفة بموقعها اللوجيستي حيث تعد منطقة زراعية واقتصادية، ومركزًا لمعالجة معادن الذهب والحديد والمنغنيز والأحجار الكريمة، هناك يتواجد فريق كروزيرو الذي لعب فيه ريفالدو ورونالدو وديدا، أما لمن لا يكترث للتفاصيل، فيمكنه تجاوز الجبال المحيطة وأخذ قسطا من الراحة في حضن الطبيعة.
لم تكن الساحرة المستديرة بالنسبة للفتى بيريرا، أكثر من وسيلة لتخفيف الألم، فحين أصيب صغيرًا بالتهاب رئوي وتم احتجازه في إحدى المستشفيات، أحضر والده كرة قدم للترفيه عن نفسه، وبين المفارش والأغطية البيضاء تعلّم الطفل المريض الركل متسببًا في كسر زجاج إحدى النوافذ، ويتذكر تلك اللحظات المضحكة بقوله: "كانت اللحظة التي أدرك والدي إنني قد أصبح لاعب كرة".
لم يدرك بيريرا أن تلك الركلة الطائشة، سوف تتسبب في عودة الحياة الهانئة لأسرته التي اضطرت إلى مغادرة البرازيل، بسبب الأزمة المالية العالمية التي ضربت بقوة في عام 2008، وما نتج عنها من ركود اقتصادي أثّر مباشرة على دخل أبيه الذي يعمل مدير مبيعات في مجال السيارات، وبمساعدة أحد الجيران، غادرت العائلة إلى لشبونة حيث عمل الوالد بائعا لكابلات التلفزيون، فيما قبلت والدته فيفيانا وظيفة عاملة نظافة بعد أن قضت حياتها ربة منزل.
في العاصمة البرتغالية شعر بيريرا بالأُلفة، خاصة أن منزله الجديد قريب من نادي ترافاريا الذي التحق به وهو في سن الرابعة عشر، وبعد عام واحد كان فتى السامبا الذي تعلم الحروف الأولى لكرة القدم موقعًا على عقده الاحترافي الأول مع أكاديمية سبورتنج لشبونة، ووصف تلك الفترة الجوهرية في حياته قائلا: "حينما كنت ألعب مع الأطفال، كانوا يودون طردي، ولكنني تمسكت بالكرة قدر الإمكان".
بفضل العقد أمّن بيريرا حياة أسرته، وفي أواخر 2015، صعد إلى الفريق الأول في المعسكر الأخضر، لكن بعد عامين طلب خورخي جيسوس مدرب الفريق وقتها من إدارة النادي استبعاده بسبب تواضع مستواه، آنذاك استعاره نادي تشافيز، ثم نورنبرج الألماني 2018، وهناك التقى بالمدرب مايكل كولنر، والذي ساعده على تحسين مستواه وترشيحه لنيل لقب "أفضل لاعب صاعد" في البوندسليجا، فيما وصفه كولنر بأنه نجم يمكنه فعل كل شيء بسهولة.
ظل بيريرا رهينة بيد سبورتنج لشبونة، حيث أعاره للمرة الثالثة في 2019، إلى وست بروميتش ألبيون الإنجليزي، ليضطر وقتها إلى استقدام مدرس خصوصي لتعليمه اللغة الإنجليزية التي لم يكن يجيدها، وتحت قيادة الكرواتي سلافين بيليتش، لعب 53 مباراة، وتمكّن من قيادة فريقه إلى الصعود نحو الدوري الإنجليزي الممتاز، ونتيجة ذلك وقع عقد انتقال نهائي لمدة 4 سنوات بقيمة 10 ملايين يورو في 2020.
مع رحيل عراب نجاحه بيليتش، والذي خلفه الإنجليزي ألاردايس والفرنسي فاليريان، قال صاحب الـ25 ربيعا: "لقد تغير كل شيء". حيث وجد لاعب الوسط بأنه على دكة البدلاء في أكثر من مباراة، ومتهمًا كذلك بأنه غير ملتزم بمواعيد التدريبات، ووسط أخبار صحافية أشارت إلى سعي آرسنال وأستون فيلا التعاقد معه، لكن بيريرا فضّل مغادرة وسط بريطانيا متجهًا إلى المملكة العربية السعودية، حيث ارتدى قميص الهلال مقابل 18 مليون يورو، معللًا قراره بقوله: "حياتي وحياة عائلتي ستتغير للأبد".
يتسم الساحر بابتسامة لا تفارقه، كونها تخفي شخصية عصبية في المعارك الإعلامية، بينما يتكئ على الله في كل أعماله حتى ينجح، وبعيدًا عن اللعب، يحيا حياة عائلية بامتياز، فبجانب عشقه للعب مع أولاد إخوته ودعمه لمحاضرات التنمية الأسرية، حيث يقضي معظم الوقت مع زوجته ثاليتا التي عرفها منذ 5 سنوات بينما تعد داعمه الأكبر، ويبقى السؤال: هل يسطع نجم بيريرا في السماء؛ مثلما فعل أسلافه إدواردو وكماتشو ونيفيز؟.