فييتو.. قاهر سيميوني.. وعاشق الكلاب
ملامحه الطفولية تناسب جسده النحيف، خفيف الحركة مثل زئبقٍ يصعب الإمساك به، وحينما يطارده أحد داخل الملعب، ينطلق بالكرة كالسهم متسلحاً بأسلوبه اللاتيني الأنيق، ومراوغته الذكية بكلتا قدميه، إضافة إلى دقة تصويباته على المرمى، ناهيك عن كسر ظهر خصومه عبر خدعة الالتفاف المفاجئة.
ولد لوسيانو فييتو 5 ديسمبر 1993، من تاجر السيارات داريو والمعلمة الشقراء جيزيلا، إذ رزق به الزوجين خلال إقامتهما في بلدة بالنيريا بولاية قرطبة شمال الأرجنتين، هناك حيث تتعانق الأجواء الخلابة بجمال الطبيعة، والمتمثلة في الكم الهائل من الغابات البكر الخضراء المحيطة ببحيرة «مار تشيكيتا» ونهر سيجوندو، الذي يعيش حولهما أكثر من 250 نوعاً من الطيور والحيوانات البرية، أشهرها الأسد الجبلي والقط البري والبجعة السوداء والفلامنجو الوردي ومالك الحزين.
أفصح فييتو عن بدايته مع كرة القدم في مقابلة مع صحيفة «كلارين» المحلية قائلاً: "بدأت أمارس كرة القدم بعمر 4 أعوام، في أكاديمية إنديبندنتي داخل الحي، أحببت دائماً تسجيل الأهداف ولعبت كمهاجم مثل والدي وأخي، وفي سن الـ13 أخذوني إلى إستوديانتيس، حيث تركت العائلة وبدأت أعيش بمفردي"، بعد عامين تلقى المراهق صدمتين بطرده من النادي وفشله في اختبارات روزاريو سينترال، وهو نفس النادي الذي نشأ بجواره عدة نجوم أرجنتينيين مثل ميسي ودي ماريا وبيلسا وأيمار.
ظهر فييتو في اختبارات روزاريو خائفاً أو مشلولاً، وفقاً لاعترافات المدرب خوسيه باسكوتيني، ما تسبب في عودته إلى قريته الصغيرة لنحو 4 أشهر، مارس خلالها مهنة والده صاحب الجذور الإيطالية، بالعمل معه في مجال السيارات المستعملة، حتى التقطه خورخي سيستيربيلر كشاف المواهب، الذي احتوى الابن في إحدى عقاراته بتسكينه في حي «باراكاس» الراقي، بغرض إنعاش مسيرته مع نادي راسينج كلوب، بدلاً من إرهاقه بالسفر بقطع مسافة 700 كم في الاتجاه الواحد.
تقول سيسيليا كانتارتينو المدير المالي لنادي راسينج، في مقابلة مع صحيفة «لاناسيون»: "عندما جاء فييتو، لم يواجه صعوبة في الاندماج رغم هيئته الخجولة، كان يعرف ماذا يريد، وهذا يعكس تغير الزمن وقدرة الأطفال على العيش بعيداً عن المنزل"، وقتها كانت تشير عقارب الساعة إلى دخول سنة ميلادية جديدة، ففي 2011 منحه المدرب المعروف دييجو سيميوني فرصة اللعب في آخر خمس دقائق أمام فريق لانوس، قبل شهرين تقريباً من ذهاب «التشولو» إلى إسبانيا لتدريب أتلتيكو مدريد.
حفاظا على صحتها من النوبات القلبية، لم يخبر فييتو والدته بأن خليفة سيميوني، المدرب لويس زوبيلديا، سيعتمد عليه في التشكيلة الأساسية كأول مرة في مسيرته، لكن بعد تسجيله ثلاثة أهداف في المباراة، صرخت الأم جيزيلا رفقة الجدة ديليا والجد ماورو، تفاعلا مع «هاتريك» الابن الذي عاد إلى شقته ماسكا هاتفه الجوال ومردداً طوال الوقت عبارة: "هل هذا هو أنا؟"، وسط آلاف تعليقات وعلامات إعجاب مشجعي راسينج كلوب عبر صفحته في موقع الفيسبوك.
مع بزوغ نجمه لقبته الصحافة الأرجنتينية بألقاب ميسي ومارادونا الجديد، بجانب «سافيوليتا» لتقارب أسلوب لعبه مع مواطنه سافيولا مهاجم الريال وبرشلونة سابقاً، وهو ما ضاعف اهتمام أندية يوفنتوس وليفربول ومانشستر سيتي به، بيد أن فياريال خطف موهبته بقيمة 5.5 مليون يورو في صيف 2014. لاحقاً جاءت اللحظة الخالدة، عندما قهر أستاذه دييجو سيميوني من قلب ملعب «فيسينتي كالديرون» بتسجيله هدفاً مارادونيا قبل نهاية المباراة بحوالي 4 دقائق، كأول هزيمة تلحق بحامل لقب الليجا آنذاك، بعدما تفادى الهزيمة في 27 مباراة على مدار 19 شهراً.
بسبب تواضع مستوياته، قرر أتلتيكو مدريد إرساله لناد آخر على سبيل الإعارة منتصف 2016، وقال سيميوني عنه: "رحيله مزعج لأنه لاعب غير عادي"، في ذلك الوقت كان قاب قوسين أو أدنى من الانتقال إلى برشلونة، إلا أن مكالمة من المدرب خورخي سامباولي أقنعته بالانضمام إلى إشبيلية، معتقداً بأنه سوف يستعيد أوقاته الجميلة، ولكن منذ تلك اللحظة بدأت شعلته في الانطفاء بعد تنقله السنوي بين أندية فالنسيا وفولهام وسبورتينج لشبونة، إلى قبل يومين واصلاً الرياض كي يرتدي قميص الهلال الأزرق مقابل 7 ملايين يورو.
يرفض النجم الأرجنتيني البالغ 27 عاماً الاعتراف بأفضلية ميسي على رونالدو، ويطمح بأن يكون «إله كرة القدم» في يوما ماً، ويتشارك مع شقيقته أبريل هواية الاهتمام بالكلاب، حيث يمتلك كلبة صغيرة تدعى كالو ووحش آخر ألماني من فصيلة جيرمان شيبرد، بينما يعشق السفر إلى باريس رفقة بالوما هوترادو حبيبته عارضة الأزياء، التي سرقت قلبه في إسبانيا، فيما لا يملّ من تناول اللحم المشوي يومياً بشرط ألا يلمس الشواية، ومع اقتراب دخول فصل الشتاء يتساءل الهلاليون بينهم: هل يستطيع فييتو تدفئة مشاعرنا حقاً؟.