الزيلعي.. جنوبي غلب خصومه.. فأرهقه المرض
استمع أصدقائه إلى نبرة صوته الضعيفة، إذ حاول الجميع الاطمئنان على حالته الصحية، بعد إصابته بمرض خطير وغريب ونادر، والذي جعله عاجزا عن التعبير بوضوح عما يجول بخاطره، وهو ما بثّ الحزن في قلوب المقربين والمحبين وحتى عامة الناس.
ولد خالد الزيلعي في 16 مايو 1987، في مدينة أبها جنوب السعودية، حيث عاش طفولته مع شقيقيه الصغيرين عبدالرحمن وفيصل، في حي القابل المعروف، والذي سكن فيه تجارا أوروبيين قبل أكثر من قرن. أشهرهم اليوناني المغامر بوّل ديمتري الذي عاش وعمل في منطقة عسير ومات بها، مطبّقا المقولة الشعبية: "أرض تُخلق بها وأرض تعيش بها وأرض تموت بها".
عُرف عن المجتمع الأبهاوي الكرم والرضا والتسامح، كان أحدهم الراحل محمد الزيلعي الذي عمل عقودا طويلة في إمارة منطقة عسير متلمسا حاجات الناس. بينما اكتسب ابنه خالد تلك الصفات الحسنة، إذ عرفه الناس بأخلاقه الجميلة العالية وموهبته الكروية الرفيعة، لا سيما وهو يتنقل بسيارته «كيا» الخضراء بين مدرسته الثانوية النموذجية والملاعب الترابية على طريق السودة.
وصف الأبهاويون خالد الزيلعي بالنجم الوفي، بعدما رفض الانتقال من أبها إلى النصر مجانا عام 2009 - رغم نهاية عقده -، مشترطا حينها أن يستفيد ناديه ماليا من الصفقة. آنذاك حدثت ضجة إعلامية وصلت إلى مكتب رئيس رعاية الشباب، الأمير سلطان بن فهد، إثر شكوى قدمها رئيس أبها السابق سعد الأحمري الذي تنازل لاحقا مقابل 500 ألف ريال دفعها أمير النصر السابق فيصل بن تركي.
صُدم الشارع الرياضي قبل أسبوعين، بعد تغريدة كتبها خالد الزيلعي في تويتر قال فيها: "الحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه، أظهرت الفحوص الطبية إصابتي بمرض التصلب الجانبي الضموري". فيما يعتبر ذلك المرض نادرا ويجهل الأطباء أسبابه حتى الآن، مع توالي الإصابات في صفوف المشاهير والنجوم، كان آخرهم مساعد مدرب برشلونة الأسبق، خوان كارلوس أونزوي الشهر الماضي.
اكتشفت الولايات المتحدة في أواخر الثلاثينيات الميلادية، عدة أمراض مجهولة، أحدها التصلب الجانبي الضموري، فقد بدأ تاريخ المرض بعد إصابة لاعب البيسبول النيويوركي، لو جريج، والذي سمي المرض باسمه، باعتباره أول مريض يتم تشخصيه في عام 1939، قبل أن يفارق الحياة بعد عامين تقريبا، بعمر يناهز فقط 37 عاما.
انتشرت حملة عالمية قبل 6 أعوام، تحت شعار ادفع أو اقبل «تحدي دلو الثلج». وقتها تنافس ستيف هارفي وأوبرا وينفري وجيمي فالون وإيلون ماسك وتيم كوك وكريستيانو رونالدو، عبر صفحاتهم في تويتر وفيسبوك وإنستجرام. كان الهدف جمع 100 مليون دولار لدعم ضحايا التصلب العضلي، والذي يدمر الخلايا العصبية في جسد الإنسان، ويتسبب بنسبة وفيات عالية بين المصابين.
أشهر ضحايا المرض، العالم الفيزيائي ستيفن هوكينج الذي توفي بمنزله في مدينة كامبريدج البريطانية، مطلع عام 2018، بجانب اللاعب الإيطالي بييترو أنستازي، والهولندي فرناندو ريكسين، والمصري مؤمن زكريا. ويصف علماء معهد «ماريو نيجري» الواقع في مدينة ميلانو، بأن المرض يهدد نجوم كرة القدم خاصة بعد اعتزالهم اللعبة، إذ يتحكم في الخلايا العصبية المرتبطة بالحركة والنطق وحتى التنفس.
باستثناء خلاف الزيلعي البسيط مع المهاجم ناصر الشمراني، في مباراة الشباب عام 2012، لا يَذكر الناس الزيلعي إلا خيرا، ما يصعب عليهم رؤيته وهو في أزمة صحية، بعد سنوات أمتع فيها جماهير التعاون والفيصلي والباطن والخليج، بمراوغته منافسيه داخل الملعب، وإن كانت تغريدة فيصل بن تركي تبعث بالراحة في قلوب الرياضيين بقوله: ابني خالد في أيدٍ أمينة بحول الله.