فلادان.. مدرب صربي بمواصفات قائد حرب
لا يُنكر أنه يميل إلى الدفاع في طريقة لعبه، إذ يبدو مغرما بتقاليد المدرسة الايطالية، ويؤكد لمساعديه أن الهجوم الجيد أساسه دفاع جيد، ودائما يحضن بذراعه لوحة التدريب، حيث يرسم أفكاره التكتيكية عليها قبل كل مباراة، وكل ما يهمه فقط تصحيح المفاهيم الخاطئة في عالم كرة القدم.
على بعد 60 كم من بلغراد، عاصمة صربيا، وُلد فلادان ميلوفيتش يوم 9 مارس 1970، في بلدة جبلية تدعى أراندجيلوفاتس، والتي تضم أفضل منتجعات الصحة والسياحة. هناك يتلذذ السكان المحليون بتناول الدجاج المشوي وخضار السوتيه بجانب مشروب الشعير. ويعتبر أبرز أعلام المدينة، الكاتب الكرتوني داركو بيروفيتش، والمعروف بروايته «شيطان شنغهاي».
ينتمي فلادان ميلوفيتش، إلى عائلة رياضية معروفة، فابنه الصغير نيمانجا البالغ 19 عاما يلعب مع بانيونيوس اليوناني، كما أن شقيقه غوران يدرب منتخب الفلبين الأول لكرة القدم، فيما قالت وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية، إن ابن أخيه ستيفان الذي لعب في غرينوك الأسكتلندي، قدم مستويات فنية كبيرة مع ريال مايوركا الإسباني قبل اعتزاله اللعب عام 2015.
بدأ فلادان لعب كرة القدم مدافعا، ولكنه قضى معظم حياته لاعبا في بلاد الإغريق، حتى اعتزل اللعب 2004 وهو لم يحقق أي لقب رياضي في اليونان. وبعد عامين امتهن مسيرته التدريبية حتى تولى في 2013 منصب مدرب فريق كوكاريكي الصربي. بيد أنه سعادته تضاعفت بعد 4 أعوام، حينما تمكن من تدريب فريق الطفولة، النجم الأحمر، وقاده في دوري أبطال أوروبا أمام باريس وتوتنهام وبايرن ميونخ.
ذات مرة وصفته موظفة فندقية سلوفينية، بأنه قائد حربي، يتحدث دائما عن الانضباط والالتزام، ويكره الفوضى أو انخفاض منسوب الاحترام لدى لاعبيه تجاه أوقات الحضور والانصراف أو مواعيد تناول الوجبات. بينما قالت عن إحدى سيدات التنظيف في ذات الفندق أن الفريق الصربي مع فلادان يبدو أكثر تميزا من الفرق الأخرى التي تعسكر قبل المباريات الحاسمة.
يحفّز جنوده في غرفة الملابس بقوله: "أنتم تشعرون بالخوف عندما لا تؤمنون بأنفسكم، العبوا بشجاعة، ليس هناك ما نخشاه، هرمون الأدرينالين الذي يشعركم بالخوف والتوتر سيختفي مع صافرة البداية". فيما كشف لصحيفة «جورنال الرياضة» الصربية عن شخصيته: "الشيء الوحيد الذي أطلبه منهم هو الصدق، لم أكذب أبدا على لاعب، ولم أعط له وعودا زائفة، أحب أن يكون التمرين مرحا وممتعا".
فلادان البالغ 50 عاما، يُعتبر رجلا «بيتوتيا»، يكره الخروج من المنزل بعد الثامنة مساء، يشارك زوجته وابنته ركوب الدراجات الهوائية وممارسة رياضة المشي قليلا، أحيانا يستخدم جهاز الكمبيوتر لمشاهدة بعض المباريات لتحليل أداء اللاعبين، وحينما يشعر بالملل يقرأ الكتب الأدبية والشعرية وحتى الدينية كونه رجل مسيحي ملتزم لا يتناول المشروبات الكحولية.
يتذكر الأهلايون وفاة مدربهم الصربي نيبوشا العام الفائت، حيث فارق الحياة في بلغراد عن عمر يناهز 70 عاما، بعدما صنع جيلا لن ينسى يتقدمهم تيسير الجاسم وياسر المسيليم ومالك معاذ وإبراهيم هزازي الذين خطفوا كأسين من الاتحاد في 2007، وهو نفس الشيء الذي يريد فعله فلادان ميلوفيتش في جدة، إذ قال للمقربين قبيل مغادرته: سيأخذني الرب حيثما يريد، ولكن أريد أن يتذكرني الجميع.