|


أحمد الحامد⁩
مقدمات كتب
2024-10-29
مقدمات الكتب تحتاج إلى إبداع يوصل القارئ بالكتاب، يغريه بقراءة صفحاته الأولى على أقل تقدير. والمقدمات الرائعة لا تقل أهمية عن أهم الصفحات أو السطور في الكتاب، حتى أن بعض المقدمات بقيت في ذاكرة القارئ أكثر من الكتاب نفسه. يقال إن الروائي الكولومبي جابريل ماركيز قرر أن يصبح كاتبًا بعد أن قرأ مقدمة لقصص كافكا "عندما استيقظ جريجور سامسا من نومه ذات صباح عقب أحلام مضطربة، وجد نفسه وقد تحول في سريره إلى حشرة عملاقة". اليوم اخترت مجموعة من مقدمات الكتب التي توقفت عندها وأجبرتني على تأملها.
•⁠ ⁠من مقدمة الديوان الشعري "صوت العطش" لفايق عبدالجليل، والمقدمة هنا لا تقل روعة عن قصائد فائق رحمه الله، اعتبرتها قصيدة الديوان الأولى "لا ترهقوا الشعرَ بالتفكير.. فالشعر من فصيلة النسيم، وقبيلة الهمس. لا ترهقوا الشعرَ بالتسميات، فالشعر حبة قمح تدخلُ كل الأفران والمخابز لتطعمَ الجميع"
•⁠ ⁠هذه المقدمة غرد بها الكاتب سلطان الموسى لكنه لم يذكر اسم الكتاب ولا الكاتب، ولكن.. يحسب له أنه قدمها لنا "قبل أن أبدأ.. لا أدعي أنني أعرف كل شيء، لأن من يدعي ذلك لا يعرف أي شيء. ولا أدعي أنني مصيب في كل ما أقوله مئة بالمئة. ولكني على يقين بأنني لست مخطئًا مئة بالمئة. لكل منا الكثير من الأوهام، والقليل من الصواب، فلنجمع ما صح عندنا لنحاول أن نصل إلى أقرب نقطة من الحقيقة. أما الحقيقة ذاتها، فأظن أننا لن نصلها. الحقيقة سماء، ونحن في الأرض، ومن أراد الوصول إليها، عليه أن يبحر إلى السماء، ولكن حذار.. فإن ابتعدنا عن الأرض لا يعني أننا اقتربنا من الحقيقة، فالحقيقة لا تقاس بمقدار ابتعادك عن الأرض بطيرانك، بل تقاس بمقدار ما بقي أمامك من مساحة السماء".
•⁠ ⁠في مقدمة عبدالرحمن منيف "قصة حب مجوسية" مغناطيس شديد الجذب لمواصلة القراءة، وهذا ما كان لمعظم الذين استرقوا النظر للمقدمة "لا أطلب منكم الرحمة، ولا أريد عطفكم، إذا كنتم محسنين فامنحوا صدقاتكم للمتسولين. أنا لست متسولًا ولا مسكينًا، كما لا أعتبر نفسي لصًا أو قاطع طريق، ومع ذلك فإن لي مشكلة، ومشكلتي دون كلمات كبيرة، أن الألم يعتصر قلبي".