ذاكرة هدف لا يُنسى.. مدرب النصر يجدد أسطورة سندريلا
في ملعب «البينتيجودي» الإيطالي، الشبيه بحلبات المصارعة الرومانية، تابع أكثر من 41 ألف متفرج، قبل 40 عامًا بالضبط، هدفًا ذكّرهم بقصة سندريلا، فسمَّوه على اسمها، وما زال مشجّعو هيلاس فيرونا يتذكرونه جيدًا، لغرابته من جهة وارتباطه من جهة ثانية بمشوار حصد اللقب الكبير الوحيد في تاريخ النادي.
في قصة سندريلا الأسطورية، التي كتبها الشاعر الإيطالي جيامباتيستا باسيلي خلال القرن الـ 17، تغادر الفتاة الحسناء الحفل بأمرٍ من الساحرة الطيّبة، وتركض مُسرِعةً، من أجل العودة إلى المنزل قبل انتصاف الليل. وفي عجلتِها، تفقد أحد زوجي حذاءها الزجاجي، ولا تلتفت لالتقاطه، لأن الوقت يدهمُها ولا بد من الوصول خلال دقائق وإلا سينتهي مفعول السحر الذي سمح لها بالخروج وحضور الحفل.
وخلال مباراةٍ بين هيلاس فيرونا ويوفنتوس، في أكتوبر 1984 لحساب الدوري الإيطالي، كان ستيفانو بيولي، مدرب فريق النصر السعودي، سببًا لتصرّف المهاجم الدنماركي بريبين إلكيير بنفس منطق الفتاة الجميلة.
قبل ذلك الموسم، 1984- 1985، أظهرت أندية عملاقة، منها ريال مدريد الإسباني، اهتمامًا بإلكيير، لاعب لوكيرين البلجيكي. لكن هيلاس فيرونا، النادي الإيطالي الصغير، تفوق على العمالقة وحصل على توقيع المهاجم الدولي، البالغ من العمر آنذاك 27 عامًا. خلال فترة الانتقالات الصيفية ذاتها، تعاقد يوفنتوس، حامل لقب الدوري، مع الإيطالي الواعد ستيفانو بيولي، مدافع فريق بارما، الذي لم يكن قد أتمَّ عامَه الـ 19.
ولمّا التقى الفريقان ضمن الجولة الخامسة، خدع إلكيير مدافع «اليوفي» قليل الخبرة، راوغه بحركة الجسد دون أن يلمس الكرة، وانطلق بها مثل السهم، على طرف الملعب القريب من مدرّجات الواجهة، لصناعة خطورةٍ هجوميةٍ لأصحاب الأرض، الذين كانوا متقدمين 1ـ0. أيقن بيولي أنه لن يلحق بالكرة، فقرّر عرقلة المهاجم من الخلف، ومدَّ قدمه اليمنى تجاه كعب منافسه الأيمن في محاولة أخيرة ويائسة لتعطيل اللعب. سقط ستيفانو، وتمرّغ وجهه في العشب الأخضر، فيما لم يُسفر تدخّله العنيف سوى عن خلع الزوج الأيمن من حذاء اللاعب المنافس، وهنا بدأ التشابه مع قصة سندريلا.
وقال إلكيير، في تصريحاتٍ بعد وقت طويل من اعتزاله، عن تلك اللحظة الأيقونية «أدركتُ على الفور أنني فقدت حذائي، لكن لم أفكر في أي شيء آخر غير التسديد والتسجيل».
بعدما طار الحذاء في الهواء، أكمل الدنماركي هجمته، وحافظ على تركيزه وسرعته، فلا وقت للتفكير والالتفات إلى الخلف. دخل إلى منطقة الجزاء، راوغ مدافعًا آخر، وسدد بالجورَب محرزًا الهدف الثاني، في مرمى الحارس ستيفانو تاكوني. وبينما كان الفريق يحتفل معه أشار بيده إلى الجورَب وكأنه يقول لزملائه: هل تصدقون ما فعلت؟ أحرزتُ هدفًا بقدمٍ من دون حذاء.
انتهى اللقاء 2ـ0، وبعده تحدّث جمهور الكرة الإيطالية ووسائل الإعلام عن «هدف سندريلا»، الذي أكد انتصارًا كان مهمًّا في مشوار تتويج هيلاس فيرونا بلقب الدوري، لأول وآخر مرة في تاريخه.
أحرز إلكيير أهدافًا أخرى كثيرة بقميص الفريق الملقّب بـ «الجيالوبولو»، لكن «هدف سندريلا» بالذات يُشعِره بالفخر، لأنه كما قال «باقٍ في أذهان الناس بعد هذه الفترة الطويلة، وهي صفة تميّز عددًا قليلًا من أهداف كرة القدم».