|


لاعب الاتحاد.. النوم في السيارة يشهد على الأيام الصعبة

القاهرة ـ أحمد مختار 2024.10.11 | 11:15 pm

خلف زجاجٍ تكثّفت عليه قطرات الندى وسط أجواء هولندا الباردة، اعتاد الأب يورجن أن يغفو خلف مِقوَد سيارته، بعد رحلةٍ طويلةٍ من العاصمة أمستردام، في انتظار انتهاء نجله ستيفن من أداء التدريبات مع زملائه في أيندهوفن، ناديه الجديد.
منذ نعومة أظفاره، شغل ستيفن بيرجوين، الجناح الحالي لفريق الاتحاد الأول لكرة القدم، حيزًا كبيرًا من تفكير والده، الذي آمن بموهبة ابنه وحاول جاهدًا مساعدته على تخطي الصعوبات. لذا، لا يُفوِّت النجم الهولندي فرصةً للإشارة إلى فضل والده عليه وكيف ساعده على التحوّل من طفلٍ هاوٍ للساحرة المستديرة إلى لاعبٍ محترفٍ دولي يُشار إليه بالبنان.
لم يكن يورجن يكتفي بتهيئة الظروف المناسبة لابنه، بل كان يُدرِّبه بنفسه ويصقل مهاراته ساعيًا إلى تعويضه عن ضعف جسده.
عندما بدأ ستيفن، وهو ابن 7 أعوام، لعِب الكرة على صعيد الأندية، بدا متمايزًا عن أقرانه، بقامة قصيرة وبنية نحيلة صعَّبتا عليه مجاراتهم.
التفت يورجن إلى المشكلة من بدايتها، وقرر إخضاع ستيفن إلى تمارين فردية تُنمّي مهاراته وتضاعِف من ثقته بنفسه.
كان الأب يرمي الكرة بقوة إلى الأعلى ويصيح طالبًا من الابن السيطرة في كل مرة بطريقة مختلفة على ذلك الجسم الدائري الساقط بسرعة من الهواء. أحيانًا بالقدم، وأحيانًا أخرى بالرأس أو الصدر أو الكعب.
تدريجيًا، أسهمت هذه الحصص الفردية في تحسين قدرة ستيفن على التعامل مع الكرة. فاق الصغيرُ أقرانَه في المراوغات والتلاعب بالمدافعين والجرأة الهجومية، مثلما فاقوه هم في الطول والقوة البدنية، فتعزّزت ثقته في نفسِه.
هذه الجرأة في اتخاذ القرارات داخل الملعب انتقلت إلى خارجه. فقبل أن يتمّ عامه الـ 14، قرر ستيفن، بعد خلافٍ من مدرّبٍ للفئات السنية، الانتقال من أكاديمية نادي أياكس أمستردام، الذي احتضنه بين 2005 و2011، إلى أكاديمية أيندهوفن، النادي المنافس محليًا.
مدينة جديدة، نادٍ جديد، أصدقاء جدد، وكالعادة مدَّ يورجن يدَ العون إلى نجله.
يقول ستيفن في حوار صحافي سابق: «عندما غادرت أياكس من أجل اللعب في أيندهوفن كنت في الـ 13 من عمري، أصبح والدي الوسيلة الوحيدة التي يمكنني من خلالها الوصول إلى أيندهوفن لخوض التدريبات».
وفي الـ 05:30 من صباح يوم التدريب، كان الأب والابن يستيقظان ويتناولان وجبة الإفطار ثم يتجهان بالسيارة إلى مقصدهما.
ساعتان تقريبًا يستغرقهما الطريق من العاصمة إلى أيندهوفن، فيما كان التدريب ينطلق في تمام الـ 09:00.
يروي بيرجوين الذي احتفل هذا الأسبوع بذكرى ميلاده الـ 27: «بينما كان والدي ينام داخل سيارته، في انتظاري، كنت أفعل كلّ الأشياء التي علمني إياها على أرضية الملعب».
كان موقَفُ السيارات على بعد 180 مترًا من الملعب. وبعد انتهاء التدريبات، كان الصبي يطرِق بيده على زجاج السيارة لإيقاظ والده، الذي كان يعود به إلى أمستردام ويوصِله هناك إلى المدرسة.
يُوضِّح نجم الاتحاد الجديد: «فعلنا ذلك لمدة عامين تقريبًا.. كانت تلك هي التضحية التي قدمها لي والدي وعائلتي بالكامل».
داخل أيندهوفن، بزغ نجم الصغير، وتمسّك مسيّرو النادي به بعدما اقتنعوا تمامًا بقدراته، التي ساعده والده على تنميتها، فانتقلت الأسرة كلُّها إلى المدينة التي يحمل النادي اسمَها للعيش هناك. أصبح الطريقُ من المنزل إلى ملعب التدريبات أقصرَ بكثير، وتوقّف يورجن أخيرًا عن النوم داخل السيارة.