منظمة الصحة العالمية أعلنت عن تصنيف فيروس «جدري القردة» حالة صحية طارئة، وقد ينتشر بشكل عالمي. بمجرد قراءتي للخبر العاجل تذكرت جائحة كورونا، وكما غنى كاظم الساهر «اللي تقرصه الحيّة بيده.. يخاف من جرَّة الحبل». لا أعتقد أن الفيروس الجديد سيتطور ويصل مراحل كورونا، العالم غير مستعد أبدًا لتكرار سيناريو الجائحة، باستثناء أحد أصدقائي الذي وصف أيام الجائحة بأجمل أيامه! كيف يا صديقي الحكيم؟.. هات الجمال الذي عندك. قال إن ظروف الجائحة أجبرته على أن يغير نمط حياته، أي أنه عاش أسلوب حياة لم يختره، لكنه اكتشف أنه الأسلوب الصحيح والمناسب له، وأن أيام «الفرفرة» وضياع الأوقات دون فائدة كانت خطأً كبيرًا ارتكبه في حق نفسه زمنًا طويلًا. يقول إن بقاءه في البيت أشعره بالهدوء، وأعطاه الفرص الكافية في التفكير وإعادة الحسابات، كما أنه مارس هوايات منسية، واكتشف أن لديه نصف موهبة في الطبخ، ولو «شد حيله» ومارس الطبخ أكثر لأصبح طباخًا ماهرًا. أضاف أن فترة بقائه في البيت خلصته من ضغط التفكير في العمل، وزحمة الشوارع، وعدم التقائه اليومي بأصدقائه سمح له الالتقاء اليومي بأبنائه، لعب معهم الألعاب الشعبية التي كان يلعبها في طفولته، وتفاجأ أنهم أحبوها أكثر من ألعابهم الإلكترونية. كانت تلك الفترة التي عاشها مجبرًا هي أفضل من كل الأوقات التي اختار أن يعيشها بأسلوبه الفاشل حسب وصفه. لم يستطع الاستمرار بالأجواء العائلية بعد زوال الجائحة، وذاب في زحمة المدينة مثل الأغلبية. من الواضح أن بعض الأشخاص في الحياة ليسوا مناسبين لاختيار أسلوب الحياة الصحيح لأنفسهم، وأن أحدًا أو ظرفًا هو من يجب أن يختار لهم، أو يجبرهم على العيش بما هو أفضل لهم. لست متأكدًا إن كان صديقي قد قرأ خبر «جدري القرود» وإن كان قد تمنى انتشاره أكثر ويتحول إلى جائحة ليعيش الأيام السعيدة في منزله مجبرًا. قرأت كثيرًا عن تجارب في الحياة، معظمها يقول إن السعادة قريبة جدًا من الإنسان، لكن أوهامه تبعده عنها، والمؤسف أنه لا يكتشف الحقيقة إلا بعد زمن طويل، وفي بعض الأحيان بعد فوات الأوان.
* سيوران: يؤدي الألم بالبعض إلى الجنون، لكننا لا نرى الألم، نرى الجنون فقط.
* سيوران: يؤدي الألم بالبعض إلى الجنون، لكننا لا نرى الألم، نرى الجنون فقط.