إيمان تفتح «بيبان مصباح» على نوافذ العالم
قبل خوض الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، الواقعة وسط جدل حول هويتها الجنسية، نزالها الأخير في أولمبياد باريس، الجمعة، أعلنت قريتها الفقيرة في جنوب غرب بلادها التعبئة العامة بهدف منح أنفسهم «وجهًا جديدًا وحياة جديدة».
وتدفّق مئات الأشخاص من أنصار خليف بعد الظهر نحو «بيبان مصباح»، على بعد 10 كلم من تيارت، المدينة الواقعة على بعد 300 كلم جنوب غرب الجزائر العاصمة، لمساعدة أهل القرية في التحضير لليلة الكبيرة التي تشهد نهائي وزن 66 كجم، بحسب مراسل وكالة «فرانس برس».
تطوّع السكّان من مختلف الأعمار لأجل إعطاء وجه جديد للقرية التي خرجت لإسماع العالم من بابه الواسع.
حمل بعضهم المعاول، وآخرون الأكياس البلاستيكية الكبيرة لجمع النفايات التي كانت مترامية في أنحاء مختلفة من القرية.
وقال ابن عمها منير خليف البالغ 36 عامًا: «لقد اتفقنا على إعطاء وجه جديد للقرية وبعث الروح فيها بفوز إيمان خليف».
قرية «بيبان مصباح» كلها مجنّدة لاستقبال ضيوفها، ففي الوقت الذي انهمك فيه الرجال بتنظيف القرية، اجتمع عشرات النسوة لإعداد طبق الكسكسي التقليدي، لتوزيعه على ضيوف القرية.
وذكرت أمينة سعدي «52 عامًا» الأم لستة أطفال: «تعاونّا جميعًا للإعداد لهذا الحدث، فبعضهن أحضرن الكسكسي وأخريات الزيت والخضار، فيما تكفّل غيرهن ممن لا يستطعن تقديم المساعدة ماديًا، بمد يد العون في التحضير والطهي».
وأضافت: «كلنا متحدون خلف إيمان خليف التي شرّفت الجزائر، فهذا أقل شيء يمكننا تقديمه لها».
ولم تمنع الأجواء الحارّة خلال هذه الفترة المئات من سكان تيارت التعبير عن مساندتهم لخليف، ففي العام الجاري سجلت ولاية تيارت أرقامًا قياسية في درجات الحرارة بلغت بعضها أكثر من 46 درجة مئوية.
وضمنت إيمان «25 عامًا» إحرازها ميدالية فضية على الأقل، بعد بلوغها النزال النهائي.
كما ثُبّتت شاشة كبيرة في ملعب البلدة البالغ عدد سكانها نحو 3 آلاف نسمة، لاستقبال القادمين الداعمين لابنتهم.
ووقعت خليف ضحية تنمّر كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، وحملة كراهية وصفتها بـ «رجل يواجه النساء».
وتضامن معها الجزائريون من كل المشارب، غاضبين من إجبار والدها على إظهار شهادة ميلادها للصحافيين لإثبات أن ابنته ولدت فتاة.
وتخوض خليف الأولمبياد الثاني لها، بعد طوكيو صيف 2021 عندما حلّت خامسة، إذ بدأ الجدل بعد استبعادها قبل نهائي بطولة العالم في نيودلهي العام الماضي.
وعد الاتحاد الدولي للملاكمة الذي لا تعترف به اللجنة الأولمبية الدولية راهنًا، بسبب قضايا حوكمة وفساد وتلاعب بالنتائج، أنها أخفقت في اجتياز فحص الأهلية الجنسية.
وارتفع منسوب الأزمة بعد مباراتها الأولى في باريس أمام الإيطالية أنجيلا كاريني التي انسحبت بعد 46 ثانية إثر تلقيها لكمتين قويتين على رأسها.
يذكر أن جورجيا ميلوني، رئيسة الوزراء الإيطالية، انتقدت السماح «بنزال ليس على قدم المساواة»، كما دخل دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، على خط المنتقدين.
بينما روَت إيمان أن والدها وجد صعوبة بداية الأمر في تقبل ممارستها الملاكمة، إذ يمارس الرجال هذه الرياضة بشكل عام.
واضطرت لتمويل نفسها عبر بيع الخبز في الطريق، وجمع الحديد والبلاستيك لإعادة بيعه حتى تحصل على مصاريف تذكرة السفر من قريتها إلى نادي الحماية المدنية للملاكمة، ثم إلى العاصمة الجزائر لتمارس رياضتها المفضّلة.