ديكيتش.. قصّة صورة سرقت الأضواء.. وزيفت الحقائق
لم يكن الرامي التركي يوسف ديكيتش بحاجة إلى أي حركة استعراضية ليصبح أحد نجوم أولمبياد باريس، كما فعل راكب الأمواج البرازيلي جابريال ميدينا عندما وقف بالهواء مع لوحه أثناء خروجه من الموجة، في صورة التقطها له جيروم بروييه، مصوّر فرانس برس.
كان ابن الـ 51 مجبرًا على عدم الحركة وربما على عدم التنفّس للحظات عدّة خلال إطلاقه مسدّسه الهوائي نحو الهدف.
وعلى الرغم من ذلك، خطف ضابط الصف السابق في قوات الدرك الأضواء في العاصمة الفرنسية حين فاز بفضية الفرق المختلطة لمسابقة مسدس الهواء المضغوط 10 أمتار، لعدم استخدامه أي معدات خاصة بالرماية وبوضعه يده اليسرى في جيبه خلال محاولاته وكأنه يرمي في حديقة منزله.
بات التركي بمنظره المسترخي تمامًا حديث العالم، وذهب بعضهم إلى حد اختلاق القصص حوله وأبرزها تلك التي قالت إن ديكيتش لم يبدأ في ممارسة الرماية إلا أخيرًا، بسبب الإحباط الناجم عن معركة طلاق.
وتابع كاتب القصة الخيالية على وسائل التواصل الاجتماعي أن شغف ديكيتش المستجد بهذه الرياضة كان بسبب رغبته في إثبات خطأ شريكته في التخلي عنه، كما زعم أن الرامي التركي ميكانيكي من إسطنبول خاض اللعبة من دون أي تدريب.
لكن تبين أن الناشر استوحى القصة من شخصية بطل في فيلم «السقوط» لعام 1993، حيث يؤدي مايكل دوجلاس دور مهندس صناعة أسلحة سابق مطلق وعاطل عن العمل، يتجوّل سيرًا على الأقدام عبر مدينة لوس أنجليس محاولًا الوصول إلى منزل زوجته السابقة المنفصلة عنه في الوقت المناسب لعيد ميلاد ابنته.
يصادف على طول الطريق سلسلة من المواجهات التافهة والاستفزازية، تجعله يتفاعل بعنف متزايد ويدلي بملاحظات ساخرة عن الحياة والفقر والاقتصاد.
هذا المنشور الذي يشبه ديكيتش بشخصية مايكل دوجلاس في ذلك الفيلم، من بين المئات التي تناولت الرامي التركي على وسائل التواصل الاجتماعي إن كان إعجابًا أو لاستخدامه هدفًا آخر على سبيل المزاح.
في الواقع، قصة ديكيتش أبسط من ذلك بكثير «أنا بدأت الرماية متأخرًا جدًّا، عندما كنت في الـ 28 من عمري. في بادئ الأمر، حين بدأنا المشاركة في البطولات الأوروبية والدولية كنّا نعتبر خوض الدور النهائي إنجازًا.. لكن الآن وبعد 24 عامًا، بدأنا نشعر بالحزن بسبب اكتفائنا بالمركز الثاني في الألعاب الأولمبية».
وتابع «أنا كبير في العمر، لكننا أظهرنا أنه بالإمكان تحقيق النجاح من خلال العمل الدؤوب.. المهم هو ليس الرغبة الشديدة في الحصول على شيء ما، بل الجهد الذي تبذله كي تصل إليه».
من المؤكد أن الجهد الذي بذله ديكيتش، أو بالأحرى الذي لم يبذله، خلال أولمبياد باريس لم يكن يهدف إلى إيصاله لهذا المستوى من النجومية، مستوى جعل أسطورة القفز بالزانة السويدي أرمان دوبلانتيس يقلده بعد فوزه بالذهبية وتحطيمه الرقم القياسي العالمي في باريس.
مستوى حصل بموجبه على رد من الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، مالك موقع «إكس»، حين طَرَح عليه سؤالًا مفاده «مرحبًا إيلون، هل تعتقد أن الروبوتات المستقبلية يمكنها الفوز بميداليات في الألعاب الأولمبية وهي واضعة أيديها في جيوبها؟».
فجاءه الجواب من ماسك «ستصيب الروبوتات مركز الهدف في كل مرة.. أتطلع إلى زيارة إسطنبول.. إنها واحدة من أعظم مدن العالم».
المفارقة أن فلسفة ديكيتش في الحياة هي أن «النجاح لا يأتي وأنت واضع يديك في جيبيك»، بحسب موقع المعلومات الخاص بألعاب باريس 2024.