سلة الأحلام تقلب المعادلة.. الأولمبياد أهم من كأس العالم
إذا سُئل لاعبو كرة القدم عمّا يفضلون بين المشاركة في كأس العالم، أو دورة الألعاب الأولمبية، سيكون جواب الأغلبية الكاسحة تجاه المحفل المونديالي، دون الكثير من التفكير، لأن بطولة كأس العالم هي الحدث الأكبر في عالم الساحرة المستديرة، واللاعبون يحلمون في تمثيل بلدانهم على هذا المسرح.
بطبيعة الحال، هناك عامل مؤثّر يرجح كفة المونديال على الأولمبياد، ويزيد من شعبية المونديال الجارفة، وهو أن منافسات كرة القدم في الألعاب الأولمبية تقتصر على المنتخبات الأولمبية، باستثناء عدد قليل من اللاعبين من خارج الإطار العمري المحدد، لكن جرت العادة بشكل عام أن تقتصر هذه الاستثناءات على لاعبين من الصف الثاني، بعيدًا عن النجوم الكبار في عالم المستديرة.
وعلى عكس هذا المفهوم الواضح في كرة القدم، يأتي المنتخب الأمريكي لكرة السلة ليسبح عكس تيار هذه المعادلة كليًا، فهو يصبّ كل تركيزه على دورة الألعاب الأولمبية، وجرت العادة ألّا يمنح كأس العالم لكرة القدم سوى قدر قليل من الأهمية، ونتائج الأمريكيين تلخّص شرح معادلتهم الخاصة، لأن منتخب السلة الأمريكي حصل على ذهبية الأولمبياد 16 مرة في 19 مشاركة، مقابل خمسة ألقاب فقط في كأس العالم في العدد نفسه من المشاركات.
باختصار، المنتخب الأمريكي يخوض غمار الأولمبياد بأفضل اللاعبين الناشطين في دوري السلة الأقوى عالميًا «NBA»، لكنه يذهب إلى كأس العالم بفرق من الفئة الثانية أو الثالثة، والمثال الأخير جاء الصيف الماضي، عندما خسر المنتخب الأمريكي في نصف نهائي كأس العالم 2023 على يد ألمانيا، بقائمة ضمّت لاعبيْن اثنيْن فقط من اللاعبين المشاركين في الأولمبياد حاليًا، كما أنّه اكتفى بالمركز السابع في مونديال 2019، فما هي أسباب هذه المفارقات بين نظرة السلة الأمريكية للمونديال والأولمبياد؟
هناك أجوبة كثيرة على هذا السؤال، وأولها يمزج بين الرياضة والسياسة، فالفوز بمنافسات كرة السلة في الأولمبياد يمنح البلد ميدالية ذهبية في سلم الترتيب، ولطالما كانت هناك منافسات على صدارة الترتيب بين الأمريكيين والروس تاريخيًا، ومع الصينيين.
أما الجواب الثاني، فهو يأتي من العام 1992، عندما دخل الأمريكيون منافسات الأولمبياد مع ما عُرف بفريق الأحلام «Dream Team» بعد السماح للاعبي الـ «NBA» بالمشاركة في دورات الألعاب الأولمبية، فضمّت القائمة الأمريكية حينها مجموعة من الأساطير، على رأسهم مايكل جوردان، وتشارلز باركلي، وماجيك جونسون، ولاري بيرد، وكارل مالون، وغيرهم، وكثيرون يصفون فريق الأحلام هذا بأفضل فريق تمّ تشكيله في تاريخ الرياضة.
وجاء الاهتمام الأمريكي بأولمبياد 1992 لسبب مباشر، وهو أن السلة الأمريكية سجلت فشلًا في النسخة السابقة عام 1988، التي شهدت عدم وصولهم إلى المباراة النهائية للمرة الأولى في التاريخ الأولمبي، لينجح جوردان وزملاؤه باكتساح جميع المنافسين في إسبانيا عام 1992، بما في ذلك الفوز على كرواتيا بفارق 32 نقطة في المباراة النهائية.
فريق الأحلام هذا أصبح منذ ذلك الحين المعيار الأعلى لنجوم «NBA»، وأغلبهم بحث عن شرف تكرار تجربة هذا الفريق، لتشهد نسخة 1996 مشاركة شاكيل أونيل، وريجي ميلر، ومن ثم جاري بايتون، وكيفن جارنيت، وفينس كارتر عام 2000، وليبرون جيمز، وآلن آيفرسون، وكارميلو أنتوني عام 2004، وكوبي براينت، وكريس بول عام 2008 في فريق سُمي بفريق الاسترداد بعد خسارة المنتخب ذهبية 2004، وانضم راسل وستبروك، وأنتوني ديفيز، إلى قائمة النجوم عام 2012، ومن ثم كيفن دورانت، وكايري إيرفينج عام 2016، وصولًا إلى جايسون تايتوم، وداميان ليلارد، عام 2020.
القصة تتواصل في النسخة الأولمبية الحالية، التي يدخلها الأمريكيون بقائمة مدججة بالعمالقة، مثل ليبرون جيمز، وسيتفن كوري، وكيفن دورانت، الذين اكتسحوا صربيا، وصيفة كأس العالم، بفارق 26 نقطة في الجولة الأولى، وجنوب السودان بفارق 17 نقطة في الجولة الثانية، والهدف واضح، وهو الفوز بالذهبية الأولمبية الخامسة على التوالي، والرقم 17 عبر التاريخ.