شاتورو.. مدينة هادئة جذبت السياح بطلقات البنادق والمسدسات
بعيدًا عن جنون الألعاب وصخب العاصمة باريس، جذبت مدينة شاتورو التي تعيش في قلب الطبيعة أنظار العالم، وباتت محور مسابقات الرماية ضمن الألعاب الأولمبية.
يبلغ عدد سكان شاتورو، التي تبعد عن باريس 270 كلم، نحو 43 ألف نسمة، وانطلقت مسابقات الرماية فيها في 27 يوليو الجاري وتستمر حتى 5 أغسطس المقبل.
يقول إيمانويل الأربعيني، وهو سائق تاكسي يعمل في محطة القطار لوكالة فرانس برس: «ذهبت في إجازة وعندما عدت وجدت أن شاتورو تغيّرت».
ويضيف: «هناك حركة غير اعتيادية، فنحن عادة مدينة هادئة وفي هذه الفترة من العام تُقفل المدارس أبوابها فيعم الهدوء. لكن هذه المرة الأمر مختلف».
وعلى وقع نبضات الألعاب الأولمبية وطلقات البنادق والمسدسات، يجد سكان شاتورو في هذا العرس الأولمبي مناسبة لتحريك العجلة الاقتصادية واستقطاب السياح.
ويقع المركز الوطني للرماية الرياضية في منطقة شاتورو ديول، وهو ملحق بالاتحاد الفرنسي للرماية، ويشكّل أكبر مجمع رياضي للرماية في أوروبا، تقودك إليه طرقات تنتشر على جانبيها حقول القمح ودوار الشمس.
يمرّ السائق عبر قاعدة عسكرية بناها حلف الناتو عام 1951 وأقام فيها 8 آلاف جندي أمريكي لأعوام طويلة، تحيطها مساحات كبيرة من الغابات، ووضعت لوحات في هذه القاعدة العسكرية كُتب عليها «منطقة عسكرية ممنوع الدخول».
ويستطرد السائق «حاليًّا يعيش فيها صينيون، كما هناك في الجهة المقابلة أكاديمية لكرة القدم أنشأها السعوديون».
وفي أجواء احتفالية، جلست لو أو، البالغة 58 عامًا، وهي رامية سابقة مع زوجها على مقعد خشبي، وبعدما انتهت من تناول البيتزا قالت «الألعاب الأولمبية في شاتورو رائعة جدًّا ومنظّمة بطريقة احترافية مع الكثير من الفرح، ومن الرائع أيضًا رؤية كل هؤلاء الرياضيين».
قال زوجها، الذي يكبرها بـ 17 عامًا «أنا أعرف مركز الرماية في شاتورو كوني أمارس هذه الرياضة منذ 50 عامًا. التنظيم خيالي ويتم توجيهنا بشكل جيد وتحديد الأماكن، ورغم عدم قدرتك على التحرّك بحرية كما تشاء، إلا أن الإجراءات جيدة».
قاطعته زوجته «نحن رياضيان ونمارس الرماية، لذا نقدّر مشاهدة الأبطال. الألعاب مهمّة للسلام في العالم وفرح الحياة وتقاسم أشياء جيدة معًا»، فاستطرد «أتينا لتشجيع الجميع، لكل من يعطي من داخل أعماقه، هذا هو الأمر.. الباقي، الجنسية، ليس بالأمر الخطير».
يرشدك المتطوعون إلى حقل الرماية حيث بُنيت مدرجات خاصة للمشاهدين.
تقول إحدى المتطوعات كادي توب «35 عامًا»: «التجربة رائعة والناس ودودون. في بعض المرات توجه التحية لهم فلا تسمع الجواب، ولكن أعتقد أنّ الأمر متعلق بعدم فهم اللغة..».
بالقرب منها، ارتدت الإيطالية تاتيانا قميصًا عليه صورة شاب وهو يصرخ رافعًا قبضة يده في الهواء، مرفقة بتاريخ 16ـ4ـ2024، تبيّن أنها لنجلها المشارك في الرماية «هو التاريخ الذي تأهل فيه إلى الألعاب الأولمبية».
وأضافت: «أتيت إلى شاتورو لمواكبة وتشجيع نجلي إدواردو بوناتسي، الذي يشارك في مسابقة الرماية «بندقية هواء مضغوط 10 م» في أول مغامرة أولمبية له».
أردفت: «هو صغير جدًّا إذ يبلغ 22 عامًا، وأنا فخورة كأم جدًّا به. العائلة جميعها هنا وقد أتت شقيقتي وزوجها».
وتستقبل شاتورو المزيد من مسابقات الرماية في الأيام المقبلة في مدينة دونت اسمها في التاريخ الأولمبي بعيدًا عن ضجيج العاصمة.