بايلز.. معاناة عقلية وطفولة مضطربة.. تتحدى المستحيل وتعشق زوجها وكلابها
بطول لا يتجاوز 1.42 متر، تعود الأمريكية سيمون بايلز، التي تعد واحدة من أعظم نجمات الجمباز، إلى دورة الألعاب الأولمبية في باريس قوية.. متحدية، تحمل على عاتقها ثقل التاريخ، ولتجيب على التساؤلات التي نسجت حول ما إذا كانت ستضع قدمها مرة أخرى على هذه الساحة، بعد معاناتها من انهيارها النفسي في طوكيو 2021 وانسحابها من أغلب النهائيات.
بايلز، صاحبة 4 ذهبيات في ريو دي جانيرو 2016، صدمت العالم في طوكيو بعد أن كشفت عن معاناتها النفسية والعقلية من ما وصفته بـ «الالتواءات» وهي ظاهرة معروفة في عالم الجمباز والترامبولين، وتعني فقدان التوازن وإدراك المكان في الهواء.. القرار لم يعجب الكثيرين من الأمريكان، الذين انتقدوا خطوتها وعدوها خذلانًا لفريقها، الذي كان يعتمد عليها بشكل رئيس في حصد الذهب، لكن الألماني توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية وصفها بـ «الشجاعة» لأنها لم تخفِ أمرًا يخشى كثيرون من مجرد الحديث عنه.
السلسلة الوثائقية التي أطلقتها شبكة «نيتفليكس» عن بايلز بعنوان Simone Biles Rising، وصدرت الحلقة الأولى منها في 17 يوليو، كشفت عن المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الرياضيون، الذين ليسوا في أفضل حالاتهم العقلية والنفسية إذا ما رضخوا للضغوط وقاوموا آلامهم.
كريستيان جوردان كبيرة المؤلفين في موقع Collider أوضحت بشأن انسحاب بايلز: «لم يكن قرارها بإعطاء الأولوية لصحتها العقلية أمرًا سهلًا، ولكن من المرجح أنه ساعد لاعبي الجمباز والرياضيين الآخرين على اتخاذ الخيارات الصحية لأنفسهم». وأضافت: «أعطت بايلز الأولوية للشفاء والتعافي وليس الخضوع لتوقعات المجتمع».
بايلز تعرضت للكثير من الإصابات المرتبطة بحياتها المهنية، ففي أكتوبر 2013 خضعت لعملية جراحية في ساقها اليمنى، وفي 2014 تعرضت لإصابة أخرى في الكتف أدت إلى انسحابها من كأس أمريكا. في سبتمبر 2017، تحدثت عن معاناتها من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، الذي شخصت به في طفولتها، وكشفت عن أنها كانت تتناول عقارًا لعلاج الحالة خلال دورة الألعاب الأولمبية 2016، بعد أن حصلت على إعفاء طبي من الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، وقالت آنذاك: «معاناتي تلك ليست شيئًا أخجل منه ولا أخشى أن أخبر الناس بذلك».
موقع talksport.com نقل عن ليبرون جيمس نجم كرة السلة الأمريكية الذي يقود فريق الأحلام في أولمبياد باريس القول: «إنها الأفضل.. الأمر بهذه البساطة.. إنها الأفضل. طالما استطاعت بايلز أخيرًا وضع حد لتقلبات طوكيو واستعادة مكانها الصحيح على قمة الرياضة».
رأت بايلز النور يوم 14 مارس 1997 في مدينة كولومبوس بولاية أوهايو، وعاشت طفولة مضطربة عائليًا، لكنها كافحت وأنهت دراستها الثانوية منزليًا في صيف 2015، وحصلت على قبول في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس 2014، لكنها قررت تأجيل الالتحاق بها إلى ما بعد الألعاب الأولمبية الصيفية 2016.
بايلز مارست الجمباز في سن السادسة، لكن بعد عامين ونظرًا لما تمتعت به من مرونة نصحها مدربوها بالالتحاق ببرنامج بمركز بانونز جيمناستيك، حيث أظهرت هناك موهبة كبيرة، أهلتها لإطلاق مسيرتها الاحترافية في يوليو 2011 عندما شاركت في مسابقة «أميركان كلاسيك» وأحرزت مراكز متقدمة.
واختيرت بايلز في المنتخب الأمريكي للناشئات، وكان أول ظهور دولي لها في كأس أمريكا 2013، لكنها لم تقدم الأداء المتوقع منها حيث سقطت عدة مرات، والتوى كاحلها فاستشارت عالمًا نفسيًا رياضيًا ساعدها في قضايا القلق والثقة بالنفس ما سمح لها بفرض هيمنتها في عالم الجمباز.
في 22 أبريل 2023 تزوجت بايلز من جوناثان أوينز لاعب كرة القدم الأمريكية «29 عامًا»، الذي قال في تصريحات لمجلة PEOPLE« :لم أشاهد الجمباز من قبل.. عندما التقيت بها للمرة الأولى لم أكن أعرف بصراحة من هي.. أروع شيء بالنسبة لي هو أنني أشاهد شخصًا في قمة رياضته حرفيًا، إنه أمر محفز وتأثيره كبير على الناس.. عندما أراها تستيقظ وتذهب إلى التدريب كل صباح، فإن ذلك يحفزني أكثر.. إنه شعور رائع عندما يفهم الشخص الذي تربطك به علاقة ما تمر به».
أما بايلز فتقول عن حياتها الجديدة: «الجمباز هو مجرد شيء يمكنني أن أؤديه.. لا أشعر الآن أنه الغاية والنهاية، كما كنت أشعر بذلك سابقًا.. الآن أعود إلى منزلي وإلى زوجي وكلابي وهو شعور جيد حقًا».
بايلز وطوال مسيرتها توجت بـ 39 ميدالية في دورات الألعاب الأولمبية وبطولات العالم، منها 29 ذهبية و5 فضيات و5 برونزيات، ولديها 5 حركات مسجلة باسمها في رياضية الجمباز.. وفي يوليو 2022 كافأها الرئيس جو بايدن 2022 بوسام الحرية الرئاسية، وهو أعلى وسام مدني في أمريكا تقديرًا لإنجازاتها، وتعد أصغر من تقلده.