قميص ألمانيا.. صراع تاريخي بين قطبين انتهى بـ 100 مليون يورو
«لا أستطيع أن أتخيل زي المنتخب الألماني بدون الخطوط الثلاثة، والتحول إلى شعار نايكي.. إن ذلك جزء من التخلي عن الهوية الألمانية»، هذا التصريح لم يكن من لاعب حالي أو سابق، بل كان من روبرت هابيك، وزير الاقتصاد الألماني على أعقاب إعلان الشراكة بين الاتحاد الألماني لكرة القدم، وشركة نايكي الأمريكية لتوريد أطقم ومستلزمات المنتخبات، بدءًا من عام 2027، حسبما أعلنه الاتحاد، مارس الماضي.
عقد الرعاية مع «نايكي»، الذي، يبلغ نحو 100 مليون يورو لمدة سبعة أعوام، بحسب وسائل الإعلام الألمانية، لم يكن عاديًا في الأوساط الرياضية والسياسية والجماهيرية، بل حمل في طياته خيبة أمل كبيرة، ونحن هنا لا نتحدث عن الجانب المالي، بل عن نهاية شراكة تاريخية بين عملاق الصناعة الألماني «أديداس»، التي استمرت نحو 77 عامًا بدءًا من 1962، بعد أن وردت أول حزمة من الملابس للمنتخب الألماني، وتغيير نشاطها، الذي كان يعتمد فقط على قطاع الأحذية.
وسرعان ما صعدت الشركة الألمانية إلى آفاق أوسع، إذ انطلقت للتعاقد مع عدد من المنتخبات العالمية في أوروبا وخارجها، منها فرنسا، وهولندا، وإسبانيا، والأرجنتين، التي شكلت نقلت نوعية في قطاع الملابس الرياضية، الذي يعد من الأعلى عالميًا في هوامش الربح، وتشير التقارير بحسب موقع «euromonitor» العالمي إلى أن حجمه في عام 2021 يتجاوز 350 مليار دولار.
هذه المؤشرات وهيمنة «أديداس» شجعت الشركات الغربية للدخول والمنافسة في القطاع المربح، وهو ما حدث بالفعل في 1996، إذ وقع عملاق الملابس الرياضية الحالي «نايكي» عقد شراكة ضخم مع المنتخب البرازيلي، الذي كان الأبرز في تلك الفترة بعد تحقيقه لقب كأس العالم 1994، وكان بمثابة الانطلاقة الحقيقية للشركة الأمريكية في قطاع رعاية المنتخبات، إذ سيطرت بعدها على منتخبات أكبر خلال الأعوام المتتالية، مثل البرتغال، وفرنسا.
وفي عام 2007 قدمت «نايكي» عرضها الأول لرعاية المنتخب الألماني، الذي يعد هدفًا رئيسًا للقضاء على منافسة «أديداس»، وبحسب وسائل الإعلام، تجاوز العرض المقدم آنذاك ستة أضعاف ما كانت تقدمه «أديداس» إذ قدرت قيمة الرعاية بنحو 500 مليون يورو، التي قوبلت بالرفض من الاتحاد لأسباب تاريخية، وتقديرًا للشراكة، حسبما نشرته مصادر مقربة من الاتحاد في الوقت الذي كان فيه عقد «أديداس» القائم بنحو 88 مليون يورو فقط.
وبعد 17 عامًا لو يتوقف طموح «نايكي» في الهيمنة على القطاع، وفرض نفسها كأقوى شركة بالحصول على جوهرة التاج «قميص ألمانيا» التاريخي في ظل تراجع نتائج «أديداس»، إذ قدمت الشركة الأمريكية عقدًا للاتحاد لا يقارن مع السابق بواقع 100 مليون يورو مقابل 50 مليون من نظيرتها «أديداس»،وهو ما لم يستطع مسيرو اللعبة في ألمانيا رفضه، بعد انخفاض مستويات المنتخب الأول لكرة القدم، إضافة إلى ضعف الشريك التاريخي، وعلى الرغم من كل هذه الأسباب لم يقتنع الشارع الرياضي الألماني بقرار نهاية شراكة «أديداس» إذ أوضحت بعض الاستفتاءات أن نحو 89 في المئة من الجماهير لا تفضل انتهاء عقد الرعاية مع الشريك التاريخي، الذي حمل في طياته عددًا من الإنجازات للمنتخب الأول بالقميص، الذي يحمل الخطوط الثلاثة، منها كأس العالم ثلاث مرات «1974، 1990، 2014»، ومثلها لبطولة أمم أوروبا «1972، 1980، 1996».