3 أيام تكشف سرقة بن جونسون سباق القرن
فصلت أقل من ثلاثة أيام بين تتويج الكندي بن جونسون بطلًا لسباق 100 م في دورة سيول الأولمبية، وتجريده من ذهبيته ورقمه القياسي، بعدما اكتشف تنشّطه إذ وجدت في بوله آثار مواد ممنوعة.
ظهر هورمون ستانوزولول الذكوري، الذي يعتمد على تنمية الأنسجة العضلية، لكنه يؤدي في الوقت عينه إلى ضعف الأوتار العضلية.
وكانت ساعات دراماتيكية مثيرة شغلت العالم، وأحدثت ذهولًا، وفتحت عيونًا، وصوّبت سهامًا، وأضحكت شامتين، علمًا أن نتائج بن جونسون السابقة وهيمنته غير العادية أثارت شكوكًا وتساؤلات.
حضر بن جونسون إلى سيول بطلًا عالميًا، بعدما حصد المركز الأوّل في بطولة العالم الثانية قبل عام في روما. وانتظر الجميع «سباق القرن»، الذي سيجمعه مع حامل اللقب الأولمبي الأمريكي كارل لويس.
واكتست المواجهة مع بن جونسون أهمية كبيرة بالنسبة إلى لويس، الذي عدّها فرصة أمامه لتأكيد تفوّقه على أسرع عدّاء في العالم أو الخسارة وترك الساحة للنجم الجديد.
ولم يكتف بن جونسون بالفوز على لويس، بل حطّم الرقم القياسي العالمي للمسافة مسجلًا 9.79 ثوان في مقابل 9.92 ث للويس «رقم قياسي أمريكي»، قبل أن تتفجر أكبر فضيحة في تاريخ ألعاب القوى، فيجرّد الكندي من «الإنجاز المزدوج»، ويمنح اللقب للويس، الذي عُد «الرجل النظيف» لسباقات السرعة العالمية.
الحدث الكبير وقع يوم السبت 24 يوليو 1988، الساعة الـ 02:15 بعد الظهر بالتوقيت المحلي. بن جونسون يفوز أمام لويس بفارق جلي، ويرفع يده عاليًا «فارضًا سطوته».
لم تكد تمر 24 ساعة على تقلّد بن جونسون ميداليته، حتى ساد همس عن فحص العيّنة الثانية لبطل كبير، وذلك بعد اكتشاف آثار مواد منشطة في العينة الأولى.
وليل 27ـ28 يوليو، صدرت صحيفة كورية، وعلى صدر صفحتها الأولى عنوان: «بن جونسون البطل الأولمبي في 100 م... فحص إيجابي».
ووسط الذهول، اكتفى رودجر جاكسون، رئيس اللجنة الأولمبية الكندية، بالقول: «أبلغت فقط أن أحد أعضاء البعثة الكندية متنشط»، بالتزامن مع اختفاء بن جونسون، وقيل إنه غادر قبل أن يواجه بالحقيقة «عاد جوًا إلى تورونتو عن طريق نيويورك».
وصادف أن يوم الثلاثاء كان يوم راحة لمنافسات ألعاب القوى، وكان أبرز بنود الاجتماع اليومي للجنة التنسيق برئاسة خوان أنتونيو سامارانش، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، الملف الذي أعده الأمير ألكسندر، رئيس اللجنة الطبية في اللجنة الدولية، والمتضمّن تقارير تحاليل عينتي بول بن جونسون.
استمر الاجتماع حتى الـ 11:00 ليلًا، ثم عُرضت الخلاصة على اللجنة التنفيذية الأولمبية وعلى الاتحاد الدولي لألعاب القوى، الذي رفض جون هولت، أمينه العام، الكشف عن هوية المتنشط، لأن الأمر «من صلاحية اللجنة الأولمبية الدولية». وقالت ميشيل فيردييه، الناطقة باسم اللجنة الأولمبية الدولية، إن قرار العقوبة بحق جونسون اتخذ بإجماع الأعضاء.
وكان بن جونسون خضع لعلاج بعد إصابة في فخذه تعرّض لها في فبراير 1988، لكن المفاجأة أن الجهاز الطبي المحيط بالعداء الكندي وصف له عقارًا يمكن اكتشاف آثاره الممنوعة.
وأوضح البروفسور أرنولد بيكيت، الذي يُعدّ من أشهر علماء الصيدلة، أن اللجنة الطبية في اللجنة الأولمبية الدولية امتلكت في حينه تقنيات تكشف آثارًا مخفية تترسّب في الجسم لمدة سبعة أشهر، وذلك في ضوء تحاليل نوعية.
سقط رقم بن جونسون، الذي عُدّ خرافيًا حينها «9.79 ث»، لكنه ظلّ حاملًا للرقم القياسي العالمي «9.83 ث»، الذي حققه قبل عام في روما. فعامذاك لم يكتشف تناوله منشطات، كما أن لا مفعول رجعي للعقوبات المتخذة، علمًا أن الاتحاد الدولي لألعاب القوى بحث في إيقافه مدى الحياة.
وفي كندا وجامايكا «حيث ولد جونسون» أصيب المواطنون بحال من الذهول، وأصدرت السلطات الكندية قرارًا بمنع جونسون من المشاركة في المنافسات الرياضية مدى الحياة.
وكانت هذه الحادثة بداية «انحطاط» بطل انتهى من أجل ميدالية شاء أن يهديها إلى والدته جلوريا، فسقط وأسدل الستارة على حكاية بطولة كاد أن يتوّجها بانتصار مزيف وميدالية مزيفة، علمًا أنه نفى تناوله أي مواد محظورة لزيادة سرعته. وقال إنه يشتبه أن أحدًا دسّ شيئًا ما في زجاجة مشروبه المفضّل المصنوع من الأعشاب يوم السباق المشؤوم.