لويس.. البطل الاستثنائي.. ومايكل جاكسون ألعاب القوى
استعرض الأمريكي كارل لويس موهبته «حتى الثمالة» في الكوليزيوم، واستحق ميدالياته الذهبية الأربع في دورة لوس أنجليس 1984.
واستعاد الجميع ذكريات جيسي أوينز «برلين 1936»، إذ حصد لويس مثله أربع ذهبيات في سباقات 100 م و200 م، والتتابع 4 مرات 100 م، والوثب الطويل، وكانت بداية مسلسل جمعه الميداليات الأولمبية، التي بلغت تسع ذهبيات، حتى دورة أتلانتا 1996.
الفصل الأوّل من الاستعراض حقّقه لويس في سباق 100 م، ولا تزال ماثلة في الأذهان صورة بول تراكور، الذي كان جالسًا في الصف الثاني من القسم 27 في المدرجات، وبجانبه ابنه «12 عامًا»، فما أن اجتاز لويس خط النهاية مسجلًا 9.99 ثانية متقّدمًا على مواطنه سام جرادي «10.19 ث»، والكندي بن جونسون «10.22 ث»، حتى أخرج تراكور، القادم من نيو أورليانز، علمًا أمريكيًا حمله في حقيبة، وراح يلوح به.
وشاهده لويس خلال جولة حول المضمار محيّيًا المتفرّجين، فعاد إدراجه واتجه نحوه، وأخذ العلم من تراكور وراح يحتفل على طريقته، والجميع يشاركه فرحته رقصًا.
كان لويس يوصف بـ«مايكل جاكسون ألعاب القوى»، ويُعد صاحب أسلوب في سباق 100 م قريبًا من الكمال.
ولما انتهى لويس من احتفاله، توجّه إلى حيث يجلس جون كارلوس «الكبير» صاحب برونزية 200 م في دورة مكسيكو عام 1968، وارتمى بين ذراعيه.
وأصدر لويس بعد ساعات من حصده ذهبية 100 م بيانًا ذكّر فيه أنه حقق 60 في المئة من برنامجه بعد هذا السباق «أصعب مسافة والمفاجآت واردة دائمًا». وأوضح: «إنه كان متأثرًا جدًا عند الفوز»، مضيفًا: «أنا أؤمن بقدراتي، وطريقة أدائي في الأمتار الأخيرة تخوّلني النجاح. لما بلغت 80 م أدركت أن الانتصار في متناولي لكني بقيت حذرًا».
تقدّم لويس على جرادي بفارق 20 بالمئة من الثانية، وهو الأكبر منذ فوز مواطنهما بوب هايز في دورة طوكيو عام 1964.
كان جرادي يردّد أن لويس في متناوله، وعلّل خسارته السباق الأولمبي بأن منافسه كان في أفضل حالاته يومها. وفي ردّه، عد البطل الأولمبي أن كل ما يستشفه من تصريحات لمنافسيه وإبدائهم الرغبة في الفوز عليه، يزيده تصميمًا ويقوّي عزيمته، مؤكّدًا انه يصعب عليهم تحقيق هذه الأمنية في المدى القريب.
عقب تتويجه بالذهبية الرابعة بعد مساهمته بتحقيق المركز الأوّل في سباق التتابع «مع رون براون وجرادي وكالفن سميث»، عنونت صحف: رهان «جيسي لويس» تحقق. وهي قصدت مقارنة كارل لويس بجيسي أوينز.
لكن «البطل الاستثنائي» رفض هذه المقارنة، لأن «أوينز أسطورة، لكنه إنسان، وأنا فخور بمعادلتي إنجازه. لكن لا تجوز المقارنة مطلقًا. هو يبقى جيسي أوينز وأنا كارل لويس، فنحن من عصرين مختلفين».
سجل لويس 8.54 م في الوثب الطويل و19.80 ث في سباق 200 م، وكان العدّاء الرابع في سباق التتابع، وأنهى المسافة بزمن 37.62 ث، فحمل بالونًا على شكل قلب وطاف به المضمار شاكرًا المتفرجين، كما شكر عائلته وأصدقاءه، وكل من دعمه وآمن بموهبته، خاصة مدربه توم تيليز، ومدير أعماله جو دوجلاس «مؤسّس فريق» سانتا مونيكا تراكس «الذي ضم لويس».
وجاء اختيار فريديريك كارلتون ماكينلي لويس «كارل لويس» المولود في الأول من يوليو 1961 والابن الثالث لعائلة رياضية من أربعة أفراد، أفضل عداء في القرن العشرين في رياضة أم الألعاب عن جدارة.
وكان أوينز القدوة والمثل الأعلى للويس، الذي لم يتحمّل الجهود البدنية المكثفة، لكنه أدرك بعد ذلك ضرورتها لبلوغ النجومية.
ولم تكن أرقام كارل لويس في الوثب الطويل تنبئ ببروز بطل، لكن كل شيء تغيّر عام 1978 وكان عمره آنذاك 16 عامًا، حيث توّج بطلًا لمنطقته بقفزه 7.76 م.
وبمجرد شيوع الخبر، بدأت مجموعة الجامعات تبدي اهتمامها بكارل، وقدّمت له عروضًا مغرية، لكنه واتباعًا لنصائح والديه رفضها كلها، وفضل الانضمام إلى جامعة هيوستن، حيث أشرف على تدريبه المدرب تيليز.
كان اختيار كارل موفّقًا، إذ نجح في تخطي حاجز 8 أمتار، واضطر مدرّبه إلى تكثيف تمارينه والاعتماد على الجانب البدني لتحسين بنيته الكبيرة 1.88 م. ورأى ضرورة امتلاكه سرعة هائلة لتجاوز حاجز 8 أمتار، فكانت المفاجأة في إحدى الحصص التدربية عندما تفوّق على مواطنه ستيف وليامس في سباق 100 م. ومنذ ذلك الوقت تنبأ تيليز بأن يكون كارل أحد أقوى العدائين في سباقات السرعة، على الرغم من تفضيل هذه «الموهبة» مسابقات الوثب الطويل.