عوار.. ابن مهاجر فضل الجزائر على فرنسا
على الرغم من مرور الأعوام، يبقى الوطن الأم، وذكرياته، حاضرًا في منزل العائلة المهاجرة، التي تربي أبناءها على حب أرضهم الأم بدلًا عن موطن الإقامة، وكان الفرنسي حسام عوار، الجزائري الأصل، لاعب فريق الاتحاد الأول لكرة القدم الجديد، أحد هؤلاء الذين اختاروا في النهاية الانحياز إلى البلد الأم على مكان المولد.
ولد حسام عوار في 30 يونيو 1998، في مدينة ليون شرق فرنسا، لأب ينحدر من محافظة بني صاف التابعة إداريًا لِولاية عين تيموشنت «غرب الجزائر»، وأم من المدينة ذاتها، هاجرا إلى ضواحي فرنسا في ستينيات القرن العشرين.
كان حسام طفلًا نشيطًا، كثير الحركة، ولم تكن المدرسة تستهويه، على الرغم من حرص والده على تعليمه، بينما كان حب الرياضة من اهتماماته المفضلة، ومع ذلك، أدرك أن شغفه يكمن في كرة القدم، التي كان يمارسها بانتظام مع رفاقه في الشارع، ولم يرغب في شيء سواها.
لم يوافق والداه بداية على اختياره، وبعد ذلك تصالحا مع حقيقة أنه وجد هدفًا في كرة القدم يحميه من آفات الشوارع، وعلى الرغم من نشأة الأسرة الفقيرة، فقد ركز الوالدان على دعم موهبة ابنهما الأول الكروية، وكانا يضحيان بجهدهما وبما يملكان من أجل تمكينه من التدريب وممارسة كرة القدم.
انضم عوار إلى أكاديمية أولمبيك ليون عام 2009 وهو في الـ 11 من عمره، وفي عمر 16 عامًا توج بطلًا لفرنسا تحت 17 عامًا في عام 2014، بعد أن افتتح التسجيل بنفسه خلال الفوز 3ـ1 على باريس سان جيرمان، وتم اختياره مع المنتخب الفرنسي تحت 17 عامًا، وسجل لاعب خط الوسط المهاجم الشاب 27 هدفًا، وقدم 15 تمريرة حاسمة خلال موسمه تحت 17 عامًا، وهو أداء رائع لم يمر دون أن يلاحظه أحد.
تدرج عوار في جميع الفئات العمرية بالنادي الفرنسي حتى أصبح أبرز لاعبيه والقائد، ومثّل عوار فريق ليون الأول ثمانية مواسم، بين 2015 و2023، ورحل مع نهاية عقده إلى روما الإيطالي قبل أن يحط رحاله في جدة.
وارتدى اللاعب ذاته قميص منتخبي فرنسا تحت 17 و21 عامًا، كما خاض مباراة واحدة مع المنتخب الأول، قبل أن يقرر، الصيف الماضي، تمثيل منتخب الجزائر، بلد آبائه، ومنذ ذلك الحين لعِب بشعاره 11 مباراة.
كان حلم عوار السير على خطى مواطنيه زين الدين زيدان، وكريم بنزيما، بالصعود مع الأندية، وتمثيل المنتخب الفرنسي، الذي أبى الحظ أن يحالفه بتمثيله لمدة طويلة قبل أن يقرر تمثيل بلده الأم الجزائر.
واجه الشاب الصغير صعوبة كبيرة في إقناع عائلته بتمثيل فرنسا، حيث كانت والدته وجده يتمنيان رؤيته بقميص الجزائر البلد الأم، وفي تصريح صحافي سابق قال جده: «حسام شاب وأمامه مستقبل كروي مشرق، وسنبذل قصارى جهدنا لإقناعه باختيار المنتخب الجزائري، سيشرفني شخصيًا أن أراه يلعب لمنتخب الجزائر، إنه شرف لكامل عائلته في بني صاف، نحن نلومه على تردده، لن أسمح له باتخاذ قرار آخر، لا أريده أن يختار فرنسا، لم أتوقف عن الحديث عن هذا الأمر مع والدته منذ عدة أعوام».
ورضخ عوار في نهاية الأمر إلى مطالب وضغوطاته عائلته، وقرر تمثيل منتخب الجزائر، بعد أن نجح المسؤولون الرياضيون في البلد الإفريقي باستغلال قضائه الإجازة الصيفية في محافظة أهله وإقناعه بارتداء قميص محاربي الصحراء.
وقال عوار في تصريحات أبرزها موقع الاتحاد الجزائري: «تعرفون أن جزءًا كبيرًا مني يحمل الهوية الفرنسية، لأني ولد وكبرت هنا، لكني أيضًا من أصل جزائري، وتربيتي في البيت كانت جزائرية، علاقتي بالجزائر قوية جدًا وأقضي كل عام عطلتي هناك مع عائلتي، الترتيبات حدثت خلال عطلة الصيف في الجزائر، فاتصل بي رئيس الاتحاد، الذي عبّر لي عن إمكانية الالتحاق بالمنتخب، في الواقع راودتني هذه الفكرة منذ وقت طويل، لكني لم أرد أن يصدر الطلب مني حتى لا أعطي صورة أنني استغلالي. عندما مدّ لي المدرب ورئيس الاتحاد أيديهما قلت هذا قدري، وهي فرصة ثانية يجب ألا أضيعها».
وشدد عوار على أن قرار الالتحاق بمنتخب الجزائر كان اختيار القلب، نافيًا أن يكون الدافع وراءه خروجه من حسابات ديديه ديشامب، مدرب منتخب فرنسا.
لم يحقق حسام عوار حلمه بالسير على خطى زيدان، لكن القدر جمعه مع قدوته كريم بنزيما في فريق واحد، عندما يقود الثنائي الاتحاد الموسم المقبل في منافسات دوري روشن، وتسند إليه مهمة إيقاف مواطنه رياض محرز، الذي يقود الأهلي، القطب الآخر في المدينة الساحلية.