لورينزو.. ظل بيكرمان الذي لا يعرف الهزيمة
ظل 19 عامًا يحلم ولو مرة بأن تكون له الكلمة الأولى، لكنه عاش في الظل طويلًا ضمن مساعدي المدربين، ووافق على لعب دور الرجل الثاني، وربما الثالث، أعوامًا طويلة، حتى انتزع فرصته بصعوبة بالغة، ورفض أن يفرط بها، ليقدم نجاحات لا تتكرر كثيرًا، ويقود الكولومبيين إلى النهائي القاري للمرة الأولى منذ 23 عامًا، في إنجاز تاريخي يحسب لهذا الرجل، إنه نيستور لورينزو، مدرب منتخب كولومبيا الأول لكرة القدم.
وتعد هذه المرة الثالثة، التي يبلغ فيها المنتخب الكولومبي نهائي بطولة كوبا بعد 1957 و2001، حيث خسر الأول وفاز بالثاني، ما يؤكد عظمة الإنجاز، الذي حققه لورينزو، خاصة أنه تولى مهمة الإدارة الفنية للمنتخب بنهاية عام 2022، أي أنه صنع كل هذه الإنجازات في فترة تصل إلى عام ونصف العام فقط.
نيستور، الرجل الأرجنتيني الذي سار على درب من سبقوه من مدربي الأرجنتين، خاصة مع تحقيقهم نجاحات قياسية في قارة أمريكا الجنوبية، بدءًا بمواطنه مارسيلو بييلسا، الذي قاد شيلي لفترة طويلة، مع توليه تدريب أوروجواي حاليًا، إضافة إلى سامباولي المتوج بلقب كوبا أمريكا مع شيلي عام 2015، وبيتزي، الذي توج باللقب القاري مع المنتخب ذاته عام 2016، وريكاردو جاريكا، الذي صنع أمجاد بيرو ووضعه على الخريطة العالمية، لكن مدرب أرجنتيني آخر تمامًا هو صاحب الفضل الأكبر في مسيرة نيستور لورينزو، وهو خوسيه بيكرمان، أحد أشهر المدربين في تاريخ القارة اللاتينية.
بدأ نيستور لورينزو التدريب سريعًا بعد اعتزاله كرة القدم بثلاثة أعوام، لقد احترف اللعبة مع أكثر من فريق، آخرهم بوكا جونيورز، وارتدى قميص منتخب بلاده الأرجنتين في مونديال 1990، حين خسر الفريق في النهائي أمام منتخب ألمانيا بهدف، قبل أن يتحول إلى التدريب عام 2000، بعد اعتزاله اللعب عام 1997.
وتولى نيستور مهمة مساعد مدرب منتخب الأرجنتين تحت 20 عامًا، خلال الفترة من 2000 وحتى 2001، وبعدها تعرف على خوسيه بيكرمان، ليعمل مساعدًا له في تدريب فريق ليجانيس الإسباني عام 2003، قبل أن يعود معه إلى الأرجنتين حين تولى بيكرمان قيادة منتخب الأرجنتين بشكل رسمي.
وبعد خروج الفريق الأرجنتيني من ربع نهائي مونديال 2006، رحل خوسيه بيكرمان عن تدريبه ومعه مساعده نيستور لورينزو، الذي فضل الذهاب معه إلى المكسيك، ليكون المساعد الأول له في نادي تولكا، ثم تيجرس أونال، وبعدها تولى بيكرمان تدريب منتخب كولومبيا عام 2012.
ومنذ عام 2012، سافر نيستور لورينزو مع معلمه وأستاذه بيكرمان إلى كولومبيا، ليكون المساعد الأول في الطاقم التدريبي لمدة تصل إلى سبعة أعوام حتى 2019، حيث رحل بيكرمان عن تدريب كولومبيا، وغادر بعده نيستور لورينزو، ليقرر أخيرًا أن يترك مهمة المساعد، ويودع منصب الرجل الثاني نهائيًا بلا رجعة.
وفي عام 2021، حصل نيستور على فرصته أخيرًا ليقود فريق مليجار البيروفي، ويتوج معه بلقب الدوري البيروفي عام 2022، قبل أن يعلن الاتحاد الكولومبي لكرة القدم، في الثاني من يونيو 2022، أنه اختار نيستور لورينزو لتدريب المنتخب الأول لمدة أربعة أعوام، ليحل الأرجنتيني مكان رينالدو رويدا، الذي أقيل من منصبه بعد فشل كولومبيا في التأهل إلى كأس العالم 2022.
ومن الفشل الذريع في التأهل المونديالي إلى الوصول نحو نهائي كوبا أمريكا 2024، نجح لورينزو في قيادة كولومبيا نحو القمة سريعًا، إذ أدار 25 مباراة في مختلف المسابقات للفريق، نجح خلالها المنتخب الكولومبي في تحقيق 19 انتصارًا، إضافة إلى ستة تعادلات، دون أن يتلقى أي خسارة.
هذا وسجل لاعبو الفريق الكولومبي 50 هدفًا تحت قيادة لورينزو، واستقبلت شباكهم 16 فقط، ليعود المنتخب من جديد بقوة تحت قيادة نجومه لويس دياز وخاميس رودريجيز وأوريبي والبقية، ويؤكد المدرب الفني أنه استحق الحصول على هذه الفرصة، خاصة بعد تفوقه على مختلف المنتخبات الكبيرة في البطولة، مثل أوروجواي والبرازيل، ووصوله إلى النهائي القاري، ليقابل الأرجنتين في مباراة منتظرة على ملعب هارد روك في مدينة ميامي الأمريكية، فجر الإثنين.