دي لا فوينتي.. «القوّة الهادئة» يعيد الثيران إلى الطريق الصحيح
على الرغم من كونه شخصية معروفة، إنما بتجربة متواضعة، نجح المدرب لويس دي لا فوينتي، متحديًا العقبات والانتقادات، في إعادة منتخب إسبانيا الأول لكرة القدم إلى الطريق الصحيح بثقة وهدوء، حيث باتت البلاد على بعد خطوة واحدة من إحراز لقبها الرابع في كأس أوروبا عندما تلاقي إنجلترا في نهائي برلين، الأحد.
تُلقبه الصحافة الإسبانية بـ «لويس الهادئ»، خلافًا للشخصية البركانية لسلفه لويس إنريكي، ويعد المدرب، البالغ من العمر 63 عامًا، مهندس إحياء كرة القدم الإسبانية، التي استعادت عافيتها بعد أعوام من التراجع والابتعاد عن المنافسة. توّج ذلك نكسة الخروج في الدور ثمن النهائي لكأس العالم 2022 في قطر على يد المغرب، قبل أن يقلب الطاولة في ألمانيا، ويبلغ نهائي «يورو 2024».
وبعد اعتزال لاعبين كبار من جيله الذهبي على غرار سيرجيو بوسكيتس، وجوردي ألبا، جدّد ظهير أتلتيك بلباو السابق تشكيلة «لا روخا»، وحدّث أسلوب الاستحواذ، الذي كان سمة متجدّدة لبطل العالم 2010 من دون «فنّانيه» السابقين في خط الوسط، أمثال أندريس إنييستا، أو تشافي، أو سيسك فابريجاس.
وتحبّ إسبانيا مع دي لا فوينتي امتلاك الكرة، لكن أضاف إلى ذلك الاختراق، الإيقاع، والسرعة، والشكل العامودي، إلى الأسلوب الجماعي، معوّلًا في الوقت ذاته على «انفجار» موهبة الجناحَين الشابَين لامين يامال، 17 عامًا، ونيكو وليامس، 22 عامًا.
لم يُهزم منتخب «لا روخا» لأكثر من عام في المنافسات الدولية، ويتفق المراقبون بالإجماع على أنّه أفضل فريق في البطولة، كما ينال مدرّبه إشادات واسعة في كل مكان لإدارته الرائعة.
وكتبت صحيفة «ماركا»، الثلاثاء، التي كانت تنتقده بشدة في بداياته، خاصة بعد هزيمته أمام إسكتلندا «2ـ0» في مباراته الثانية على رأس الفريق: «الآن كل العالم في حالة صمت. سامحنا يا لويس، لم نكن نعرف ما كنا نقوله».
كانت قد كتبت آنذاك الصحيفة اليومية «ما هي الخطّة؟»، وتابعت هجومها لتصف الفريق «بالمبتذل والواهي، الذي يدفع ثمن أخطائه».
لم يمتلك «لويس الهادئ» كما يُلقب، الرؤية نفسها، وقال: «قلتُ للاعبين إنّ هذا هو المسار الذي يجب اتباعه». وبعد ثلاثة أشهر، أثبت صوابية قراراته وأداء المنتخب الإسباني يكفي لتبيان ذلك، متحديًا منتقديه بداية من خلال قيادة رجاله إلى اللقب الأول منذ أكثر من عشرة أعوام، وهو دوري الأمم الأوروبية 2023، الذي فاز به بركلات الترجيح ضد كرواتيا.
«العائلة»، «التضامن»، «الوحدة»، هذه هي الكلمات التي يكرّرها اللاعبون واحدًا تلو الآخر منذ وصولهم إلى ألمانيا لوصف أدائهم.
الجميع إن كان أساسيًا أو بديلًا، يشيد بالمدرّب الذي منحهم «الثقة»، و«الهدوء».
قد يمكن إرجاع تلك الثقة والشغف إلى مسيرة دي لا فوينتي مع منتخبات إسبانيا العمرية، بعد أن أشرف على منتخبات ما دون 23 و19 و17 عامًا، ومرّ عليه العديد من لاعبي المنتخب الأول الحالي على غرار بيدري، وميكل ميرينو، وفابيان رويس، ورودري، وداني أولمو، ومارك كوكوريا، وأوناي سيمون، الذين لمعوا جميعًا منذ بداية البطولة.
ينتظر المنتخب الإسباني الآن مباراة أخيرة لفرض سحره والتألق، وجعل دي لا فوينتي يدخل التاريخ، بوصفه الرجل الذي أعاد إسبانيا، على الرغم من كل المصاعب، إلى قمّة كرة القدم العالمية.