إسبانيا.. نجمة مضيئة وحيدة تعوض خفوت الكبار
كان المنتخب الإسباني الأول لكرة القدم النجمة المضيئة الوحيدة بين الكبار على صعيد الأداء والإمتاع في النسخة الـ 17 من نهائيات كأس أوروبا، التي يختتمها على الملعب الأولمبي في برلين، الأحد، بمواجهة منافس إنجليزي جر نفسه جرًا إلى مباراة اللقب.
كانت إسبانيا في مستوى مختلف تمامًا عن المنتخبات الكبرى الأخرى في هذه النهائيات، على الرغم من قرعة صعبة شهدت فوزها على كرواتيا، التي بلغت الدور قبل النهائي لكأس العالم 2022، وإيطاليا، حاملة اللقب، وألمانيا، المضيفة، وفرنسا، وصيفة بطلة العالم، التي كانت من أبرز المنتخبات المرشحة للقب.
وخلافًا للإسبان، لم يقدم الإنجليز شيئًا يذكر في طريقهم إلى أول مباراة نهائية على الإطلاق خارج أراضيهم، وكان وصولهم إلى النهائي للمرة الثانية تواليًا، وفي تاريخهم، بفضل الأهداف المتأخرة، أو ركلات الترجيح، على الرغم من ثروة المواهب المتاحة للمدرب جاريث ساوثجيت.
كان الإنجليز من بين القوى الكبرى في القارة، الذين اتُهموا بتحويل البطولة الأوروبية إلى مباريات مملة، باستثناء واحدة على الأرجح ضد هولندا في نصف النهائي، لكنهم فازوا أيضًا بهدف في الرمق الأخير لأولي واتكينز، وأدركوا التعادل 1ـ1 من ركلة جزاء أثارت الكثير من الجدل.
بدأت رحلة الملل منذ البداية حين تصدر «الأسود الثلاثة» المجموعة الثالثة، على الرغم من تسجيلهم هدفين فقط في ثلاث مباريات، وهو المستوى الذي أثار استهجان جماهيرهم، لدرجة أنه تم رشق ساوثجيت بأكواب الجعة بعد التعادل من دون أهداف مع سلوفينيا في الجولة الأخيرة.
وإذا نجح رجال ساوثجيت في رفع الكأس، ومنح بلادهم لقبها الثاني من بعد كأس العالم 1966، التي أجريت على أرضهم، فإن الهدف الأكروباتي الخلفي، الذي سجله جود بيلينجهام في الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع، الذي جنب «الأسود الثلاثة» الخروج من ثمن النهائي على يد سلوفاكيا، سيكون بين أهم الأهداف في تاريخ المنتخب. لكنها كانت أيضًا أول تسديدة لهم على المرمى في تلك المباراة.
كما أن هدف بوكايو ساكا المذهل، الذي أدرك به التعادل أمام سويسرا في الدقيقة 80 من مباراة ربع النهائي، كان التسديدة الأولى لمنتخب بلاده على المرمى.
وقال ساوثجيت، عند سؤاله عن الأداء الممل لإنجلترا: «إن هدفنا دائمًا هو اللعب بشكل جيد بالكرة. في كرة القدم هناك خصم يحاول إيقافك. هذه ليست مباريات كرة قدم عادية، إنها أحداث وطنية وفيها الكثير من الضغط...».
وتابع: «تعرّض فريقنا لضغوط هائلة منذ البداية. إنهم يؤدون عملًا جيدًا جدًا».
ومع ذلك، لم يكن ساوثجيت المدرب الوحيد، الذي اتهم بالفشل في الاستفادة من العناصر المتوفرة له من خلال استخدام تكتيكات حذرة جدًا.
وتأهلت فرنسا إلى الدور نصف النهائي من دون أن يسجل أحد لاعبيها هدفًا واحدًا من اللعب المفتوح. وعلى الرغم من ذلك، بدا المدرب ديدييه ديشان منزعجًا جدًا عندما سأله صحافي سويدي عن الأداء الممل لفريقه، قائلًا: «إذا كنت تشعر بالملل يمكنك مشاهدة شيء آخر. لا بأس. أنت لست مجبرًا على مشاهدة فرنسا». وأضاف: «لدينا القدرة على تشارك المشاعر، جعل الكثير من الفرنسيين سعداء بالنتائج التي حققناها، خاصة في الوقت العصيب، الذي تمر به بلادنا «الانتخابات التشريعية»... إذا كان الشعب السويدي يشعر بالملل، فهذا ليس مهمًا جدًا بالنسبة لي».
وكانت البرتغال من بين المنتخبات المرشحة الأخرى التي خيبت الآمال في هذه النهائيات، على الرغم من أنها تملك الفريق الأكثر موهبة بين الفرق المشاركة.
وتسبب اعتماد المدرب الإسباني روبرتو مارتينيس على القائد كريستيانو رونالدو، على الرغم من أعوامه الـ 39، إلى نتائج عكسية، حيث خرج فريقه بركلات الترجيح من ربع النهائي أمام فرنسا، بعد فشله في التسجيل في أي من مبارياته الثلاث الأخيرة في ألمانيا.
وعدد الأهداف الـ 114 في النهائيات حتى الآن، بمتوسط 2.28 هدف في المباراة الواحدة، هو أقل من معدل الـ 2.78 في النسخة الماضية، والـ 2.69 في كأس العالم 2022.
وخالف الجيل الجديد في إسبانيا هذا الاتجاه، ويمني النفس بأن يكافأ على جهوده بالسير على خطى الفريق، الذي فاز بثلاث بطولات كبرى متتالية بين عامي 2008 و2012.
في المجموعة الأصعب، تألق رجال المدرب لويس دي لا فوينتي منذ البداية، وسجلوا ثلاثة أهداف بالشوط الأول في الفوز 3ـ0 على كرواتيا. ولم ينصف الفوز 1ـ0 على إيطاليا حجم الهيمنة الإسبانية في جيلزنكيرشن، قبل أن يختتموا دور المجموعات بالفوز 1ـ0 على ألبانيا، على الرغم من إجراء 10 تغييرات.
وحتى الهدف المبكر، الذي سجله منتخب جورجيا في مرماهم، ليتقدم عليهم في ثمن النهائي، لم يعرقل تقدمهم، حيث عادوا وحققوا فوزًا ساحقًا بنتيجة 4ـ1.
أنهت إسبانيا أحلام ألمانيا في شتوتجارت بهدف دراماتيكي متأخر عندما حسمت رأسية ميكل ميرينو المواجهة 2ـ1 قبل دقيقة على نهاية الشوط الإضافي الثاني، ليخرج «لا روخا» منتصرًا من إحدى أقوى المباريات في النهائيات حتى الآن.
وأشعل هدف لامين يامال المذهل، الذي جعله أصغر هداف على الإطلاق في تاريخ النهائيات، الفوز على فرنسا 2ـ1 في نصف النهائي.
وأقر ساوثجيت لدى حديثه عن إسبانيا: «إنهم كانوا الفريق الأفضل. سيتعين علينا أولًا عدم السماح لهم بالحصول على الكرة».
وتحتاج إنجلترا بالتأكيد لتقديم أفضل ما لديها لإيقاف القوة الإسبانية في نهائي قد يتحول أيضًا إلى إحدى المواجهات الكلاسيكية، التي سيتذكرها الجمهور المحايد لأعوام كثيرة مقبلة.