بأثر رجعي عرفت قيمة لاعب الوسط المتأخر الذي كنا نسميه «المحور»، وصار الكرويون التقدميون يطلقون عليه لاعب 6، بعد أن توزعت مهام وأدوار اللاعبين رقميًا في هذا الزمن الرقمي.. وأول لاعب جعلني أؤمن تمامًا بأهمية صاحب ذلك المركز هو الفرنسي الأسمر جان تيجانا، وذلك في بطولة الأمم الأوروبية عام 1984، وكنت حينها منشغلًا بكل اهتماماتي وراء ما يقدمه الأسطوري ميشيل بلاتيني.. فيما بعد قرأت تقريرًا مطولًا عن البطولة عبر مجلة «الصقر» القطرية التي كانت تلك الأيام تمثل مصدرًا حيويًا للتثقيف والمعرفة الكروية.. تناول ذلك التقرير وعبر آراء مدربين الدور الكبير الذي لعبه تيجانا ومساهمته المباشرة في فوز منتخب بلاده باللقب التاريخي.. تيجانا تصدر غلاف المجلة، واُعتبر من خلال الآراء المطروحة الجندي المجهول المقاتل الذي سمح لبلاتيني بالحركة المتحررة في كل أرجاء الملعب حتى أصبح هداف البطولة وفارسها الأول.. كانت مشاهدة المباريات المعادة أمرًا معتادًا تلك الأيام.. أعدت بعد فترة ليست بالقصيرة مشاهدة مواجهات المنتخب الفرنسي، بعد أن تشبعت بالاطلاع على كلام كثير عبر الصحف والمجلات عن تيجانا هذا وكيف صنع الفارق، فيما عقلي الصغير ما كان يحسبه سوى معزوم من بين المعازيم.. كنت أحصر القيمة الفنية العالية بالمهارة التي يمتلكها كل لاعب.. ما كنت أعي معنى القيمة التكتيكية للاعب مثل تيجانا يؤدي دورًا نافذًا ومهمًا وسط الميدان يرجح من خلاله الكفة الفرنسية.. عرفت قبل فوات الأوان أن تيجانا كانت له اليد الطولى في حصول بوردو ومرسيليا على بطولات الدوري الفرنسي خمس مرات، في وقت كان بلاتيني يقاتل دفاعًا عن قميص يوفنتوس الإيطالي.. في العام 84 وقف تيجانا وصيفًا في جائزة الكرة الذهبية وراء بلاتيني الذي كان لاعب العام ولاعب العالم.. كانتي الآن يستنسخ شيئًا من الذاكرة التيجانية، لولا أن الإطار العام للصورتين متباعد ومختلف كون كانتي يحظى بضوء يستحقه في عوالم كروية تدرك معنى أن تملك لاعبًا محوريًا ذا قيمة عالية، فيما كان تيجانا متموضعًا بملامحه الهادئة عند نظرات المدربين والفنيين الثاقبة.. توسعت المفهومية الكروية كثيرًا.. كان لاعب المحور والظهير مثلًا لا يحظيان بكل هذا الاستشعار الشعبوي بقدرتهما على المساهمة الفاعلة والمباشرة في النتائج والانتصارات..
تغيرت كرة القدم كثيرًا.. تمسكت بثوابتها الصامدة.. وراح كل شيء قابل للتغيير يواكب أي تحول ينتظره عشاق اللعبة على هذه الأرض.. وتأتي البطولة الأوروبية دومًا لتفتح أبواب التغيير على مصراعيها.. تترك لك فرصة إعادة حساباتك وإطلاق سراح خيالك من تلك الأغلال التي تحاصرك في زاوية ضيقة حتى لا ترى الحقيقة بوضوح.. كان تيجانا واضحًا جدًا.. كان أهم لاعب ارتكاز في تاريخ كرة القدم.. أرمي انطباعًا شخصيًا بعد أن شاهدته وراقبته وتابعته بحثًا عن شيء أجهله وأريد تعلمه.. حينها عرفت لماذا أصبح لاعب وسط أسطوري يدعى ميشيل بلاتيني هدافًا لا يتكرر في بطولة صعبة وشرسة مثل الأمم الأوروبية.. كان هناك بلاتيني بكل مهارته وإبداعه وحضوره الذي ترافقه أشعة الشمس.. كان هناك تيجانا الذي يصنع الفرح والنصر.. لكن وراء خيوط الظلام..!!
تغيرت كرة القدم كثيرًا.. تمسكت بثوابتها الصامدة.. وراح كل شيء قابل للتغيير يواكب أي تحول ينتظره عشاق اللعبة على هذه الأرض.. وتأتي البطولة الأوروبية دومًا لتفتح أبواب التغيير على مصراعيها.. تترك لك فرصة إعادة حساباتك وإطلاق سراح خيالك من تلك الأغلال التي تحاصرك في زاوية ضيقة حتى لا ترى الحقيقة بوضوح.. كان تيجانا واضحًا جدًا.. كان أهم لاعب ارتكاز في تاريخ كرة القدم.. أرمي انطباعًا شخصيًا بعد أن شاهدته وراقبته وتابعته بحثًا عن شيء أجهله وأريد تعلمه.. حينها عرفت لماذا أصبح لاعب وسط أسطوري يدعى ميشيل بلاتيني هدافًا لا يتكرر في بطولة صعبة وشرسة مثل الأمم الأوروبية.. كان هناك بلاتيني بكل مهارته وإبداعه وحضوره الذي ترافقه أشعة الشمس.. كان هناك تيجانا الذي يصنع الفرح والنصر.. لكن وراء خيوط الظلام..!!