كرة القدم في كل قارة تشبه شعوبها، في يورو 24 تلعب الفرق بتنظيم أشبه بسير الحياة في المدن الأوروبية، الإنجليز يشبهون لندن في لعبهم، طريقتهم معروفة لا تتغير مثلما البنيان الإنجليزي لا يتغير، تغادر لندن 10 أعوام أو 20 عامًا وتعود فتجد كل شيء كما كان، لا تغيير في أشكال المباني القديمة، حتى النوافذ لا تتغير بحكم قوانين البلدية. الفرنسيون فيهم مسحة تمرد، يلعبون بالطريقة الأوروبية المنظمة، لكنهم يضيفون عليها من روحهم، وربما يكون هذا هو السبب الذي جعل رصيد الفرنسيين من البطولات لا يقارن بالمنتخب الإنجليزي الذي لم يحقق سوى كأس العالم 1966. المنتخب الألماني مثل مدنه الصناعية، ماكينات لا تتوقف عن العمل، والمتابع للمنتخب الألماني يجده من أكثر الفرق التي تعدل النتيجة لصالحها، وتسجل في أواخر دقائق المباريات. الإيطاليون أشبه بمدنهم المتحفية، أناقة في اللعب مثل زخارف وتماثيل روما وميلانو، وقوة في الدفاع تشبه قوة بنيانها الصبور، لا يستعجلون تسجيل الأهداف، هم أسياد التعادل «17 تعادلًا في اليورو»، والمنتخب الذي يهوى المقامرة بضربات الجزاء. في نفس الوقت تُلعب الآن في القارة الأمريكية كوبا أمريكا، تشاهد مباريات مختلفة، أشبه بطبيعة سكان ومدن وشوارع أمريكا الجنوبية، حتى لاعبو الاحتياط يقفون وكأنهم يقفون بجانب بقالة في حارة كولومبية، هم عكس الكرة الأوروبية المعتمدة على تنفيذ خطة المدرب، مع ترك مساحات صغيرة لموهبة اللاعبين الفردية. كرة أمريكا الجنوبية تعطي اللاعبين كل مساحات الملعب، يحولونه لمهرجان من المهارات الفردية، حتى تشعر أن هذه الفرق تلعب من دون خطة مدرب. أذكر تغريدة للأستاذ فهد عافت بعد مباراة قطر والإكوادور في كأس العالم قال فيها وبما معناه «إن المنتخب الإكوادوري يلعب كرة القدم بالفطرة». اليوم عندما أسترجع أهداف منتخبات أمريكا الجنوبية في كؤوس العالم أجد أن معظمها اعتمد على مهارات فردية أكثر من جمل فنية مدروسة وموضوعة في خطة المدرب، فازت الأرجنتين على المنتخب الإنجليزي القوي «1996» بحلول مارادونا، وتكرر الأمر في النهائي أمام ألمانيا، والبرازيل كذلك، مهارات بيليه ومجموعته الذهبية، وبيبيتو وروماريو ورونالدينيو ورونالدو. دائمًا كان لدى منتخبات أمريكا الجنوبية لاعب أو اثنين يصنعون الفارق لصالحهم. أما المنتخبات الأوروبية فلم تكن تخلوا من المواهب الكبيرة أبدًا، لكنها جميعها كانت تلعب داخل الكتلة الواحدة، استثني زين الدين زيدان في المنتخب الفرنسي، وكرويف الهولندي، وبول جاسكوين من المنتخب الإنجليزي.