روى أولو الأخبار عن رجل سيار يسير في صحراء فسيحة الأرجاء رأى دبًا عظيمًا موثقًا بشجرة يعوي عواء الكلب من شدة وكرب وقد أعياه الحر والعطش فأشفق عليه الرجل فسقاه وفك وثاقه فعاهد الدب نفسه على حماية الرجل وفدائه بروحه فنام الرجل تحت شجرة فحطت ذبابة بين عينيه فجاش غيظ الدب فأسرع إلى صخرة قريبة ليقتل بها الذبابة قتلًا بلا هوادة فهوى بالصخرة على رأس الرجل فهشمه وأزهق روحه لذلك حذر الحكماء من مصاحبة الأحمق.
الأحمق هو ذلك الذي يعيش في بحر من النعم لكنه لا يعطيها شكرًا ولا عرفانًا حتى يفقدها الأحمق هو ذلك الذي يعيش بين أهله وأحبابه لكنه لا يعرف قيمتهم الأحمق هو ذلك الذي وجد من الدنيا صديقًا صدوقًا يصونه في حضرته وغيبته لكنه بكل حماقة استبدله بمجموعة من الحمقى أمثاله لا يميزون بين صديق وعدو.
الأحمق هو ذلك الذي يرى الناس بعين طبعه ويظن أنه أذكى الناس الأحمق هو ذلك الذي يرى نفسه فوق الآخرين الأحمق هو ذلك الذي يرى أنه محور الكون الأحمق هو ذلك الذي يغضب من غير سبب الأحمق هو ذلك الذي أمن العقوبة فأساء الأدب الأحمق هو ذلك الذي ظن يومًا ما أنه سر النجاح في حياة أحدهم أو أنه ركن ركين في مكان أو كيان الأحمق هو ذلك الذي نسي أنه يومًا ما لم يكن حتى كان لكنه كالعادة قابل ذلك بالجحود والنكران.
الأحمق هو ذلك الذي غرته الدنيا بالأماني الأحمق هو ذلك الذي عاش معتقدًا أنه هدف لكل المؤامرات والدسائس واهمًا أنه مستهدف من الجميع لأنه الناجح الوحيد وسط مجموعة من الفشلة الأحمق هو ذلك الذي صال وجال ثم عاد إلى المربع الأول ظنًا منه أنه وصل إلى القمة الأحمق هو ذلك الذي فرح بملامسة السحاب رغم أنه لم يركض طوال هذا الوقت إلا خلف السراب.
الأحمق هو ذلك الذي حير العلماء وأعجز الفصحاء وقد جاء في الصحيح نقلًا عن المسيح أنه قال عالجت كل أكمه وأبرص مشوه لكنني لم أطق قط علاج الأحمق.