* كالعادة أحاول تخصيص وقت لصديق أو زميل سابق في العطلة الأسبوعية، هذه المرة التقيت بأكثر شخص منظم عرفته من زملاء العمل، يحمل مدونته في جيبه، يسجل الأعمال التي يجب عليه تأديتها، أو أي شيء لا يجب نسيانه. آخر مرة التقيته كانت قبل 13 عامًا، لاحظت أنه ما زال محافظًا على رشاقته وإن بدا أن بعضًا من الكيلوجرامات ارتمت بين أجزاء جسمه، لكنها لم تضمه إلى نادي البدينين. أثناء الحديث أخرج مدونته، هذه المرة إلكترونية، سجل فيها بعض الملاحظات والأفكار التي ولدت من حديثنا، وكانت فرصة مناسبة أن أسأله عن سر استمراره باستخدام المدونة إلى اليوم. فاجأني بأنه ما زال يحتفظ بمدوناته منذ المرحلة المدرسية الأولى، سمع معلمه في الصف الأول الابتدائي يقول أن الطالب الذي لا يريد أن ينسى واجباته عليه أن يدونها على ورقة، ومنذ تلك النصيحة وهو يدون كل شيء. لقد أصبحت لديه عشرات المدونات أشبه باليوميات. لكن الأمر تجاوز المدونة، وصار يحتفظ بكل الأوراق التي كُتب فيها اسمه، جميع شهادات المدرسة، جميع الفواتير منذ أن استقل في سكن خاص قبل 30 عامًا، جميع أوراق السيارات التي اشتراها، جميع المراسلات مع البنوك، جميع الرسائل التي وصلته في زمن الرسائل قبل الإيميل، حتى الفواتير الإلكترونية ينسخ منها نسخة ورقية. قال إنه يحتفظ بهم في حقيبتين سفر كبيرتين، ويحتفظ بالأوراق الجديدة في حقيبة ثالثة ما زالت فيها مساحة لأوراق جديدة. يأخذ أوراقه معه في كل سكن جديد، وكل بلد يعيش فيه. قلت له إني معجب بحياته المنظمة، وأنه يستحق لقب يتوّج صبره. ابتسم وقال ما هو؟ كانت ابتسامته دليل فهمه على أني سأعطيه لقبًا لا يخلو من دعابة، أجبته: رجل الورق.
* في الشهور الأخيرة وجدت نفسي أستعين بمن يحمل معي أو يحمل لي بعض الأغراض، أتصل بالعامل في المبنى ليساعدني، كما لاحظت أني صرت أكرر قول: لا أتذكر! في الأيام الأخيرة بدأت أتعايش مع فكرة أن التقدم في السن يشبه تساقط أوراق الشجرة، تسقط أوراقًا من القوة، وأوراقًا من الذاكرة. ما جعلني أشك أن أوراقًا كثيرة سقطت قبل أوانها المعتاد هو ما أرسلته بالأمس لأحد الأصدقاء مهنئًا بعيد ميلاده الذي أحفظ تاريخه. أرسلت له تهنئة وأمنيات بالحياة السعيدة، توقعت منه رسالة شكر على عدم نسياني ليوم ميلاده، لكنه فاجأني باتصاله قائلًا: صحيح أن يوم ميلادي هو 21، لكنه في الشهر العاشر وليس السادس! لم يكن عندي حل سوى القول: طيب.. احتفظ بالتهنئة ليوم ميلادك القادم!.
* توفيق الحكيم: الخيال هو ليل الحياة الجميل، هو حصننا وملاذنا من قسوة النهار الطويل. إن عالم الواقع لا يكفي وحده لحياة البشر، إنه أضيق من أن يتسع لحياة إنسانية كاملة.
* في الشهور الأخيرة وجدت نفسي أستعين بمن يحمل معي أو يحمل لي بعض الأغراض، أتصل بالعامل في المبنى ليساعدني، كما لاحظت أني صرت أكرر قول: لا أتذكر! في الأيام الأخيرة بدأت أتعايش مع فكرة أن التقدم في السن يشبه تساقط أوراق الشجرة، تسقط أوراقًا من القوة، وأوراقًا من الذاكرة. ما جعلني أشك أن أوراقًا كثيرة سقطت قبل أوانها المعتاد هو ما أرسلته بالأمس لأحد الأصدقاء مهنئًا بعيد ميلاده الذي أحفظ تاريخه. أرسلت له تهنئة وأمنيات بالحياة السعيدة، توقعت منه رسالة شكر على عدم نسياني ليوم ميلاده، لكنه فاجأني باتصاله قائلًا: صحيح أن يوم ميلادي هو 21، لكنه في الشهر العاشر وليس السادس! لم يكن عندي حل سوى القول: طيب.. احتفظ بالتهنئة ليوم ميلادك القادم!.
* توفيق الحكيم: الخيال هو ليل الحياة الجميل، هو حصننا وملاذنا من قسوة النهار الطويل. إن عالم الواقع لا يكفي وحده لحياة البشر، إنه أضيق من أن يتسع لحياة إنسانية كاملة.