ركلة «بانينكا».. أسقطت الحارس الأسطوري.. وقهرت الأجيال الذهبية
يُحكى في قصص كرة القدم أن ركلات الترجيح هي ضربات الحظ، لكن بعض اللاعبين، وفي مناسبات عدة، تصرفوا وكأنها تحدٍ لأصحاب القلوب القوية فقط، ولعل المثال الأبرز تسرده ركلة «بانينكا»، أي ركلة الترجيح الشهيرة، التي تُنفذ عبر لمسة خفيفة لأسفل الكرة، ما يؤدي إلى ارتفاعها وإسقاطها داخل المرمى، في وقت يكون فيه حارس المرمى قد ارتمى يمينًا أو يسارًا، وهي تقنية مخادعة ومحفوفة بالمخاطر، وجرت العادة ألّا يجرؤ عليها سوى اللاعبين الكبار، الذين يتمتعون بثقة عالية.
وتعود جذور هذه الركلة إلى العام 1976، عندما ابتكرها أنتونين بانينكا، لاعب المنتخب التشيكوسلوفاكي الأول لكرة القدم، وأُطلق اسمه عليها تيمنًا به، خاصة أنّه قرر تنفيذها على أبرز المسارح، في الموعد الأبرز، أمام المنافس الأصعب، وحارس مرمى أسطوري، فتاريخ براءة هذا الاختراع يعود إلى نهائي يورو 1976، أمام المنتخب الألماني، الذي كان حينها حاملًا للقبيْن الأوروبي والعالمي، وكان يحمي عرينه سيب ماير، عبقري الحراسة.
وروى منتخب تشيكوسلوفاكيا في تلك النسخة قصة لافتة، حيث وصل إلى النهائيات بعد فشله بالتأهل إلى ثلاث نسخ متتالية قبل يورو 1976، ونجح بإقصاء الفريق الهولندي في نصف النهائي، وتغلّب على جيل ذهبي لمنتخب الطواحين، قاده يوهان كرويف، ورود كرول، ويوهان نيسكنز، وجوني ريب، قبل الفوز على ألمانيا بركلات الترجيح في المباراة النهائية، أي الفوز على جيل ذهبي آخر، ضم فرانتس بيكنباور، وأولي هونيس، وديتر مولر، إلى جانب ماير.
وفي المباراة النهائية، كتب منتخب تشيكوسلوفاكيا أول معالم المفاجأة، عندما تقدّم بهدفين نظيفيْن بحلول الدقيقة 25، لكن المنتخب الألماني عاد من بعيد، وقلص الفارق في الدقيقة 28، قبل أن يدرك بيرند هولزنباين التعادل، قبل دقيقة من نهاية الوقت الأصلي، لتعود آمال المانشافت في الحفاظ على اللقب الأوروبي، إلا أنّ بانينكا كان له رأي آخر.
وفي ركلات الترجيح، سجل المنتخبان ركلاتهما الثلاث الأولى، قبل أن يترجم لاديسلاف يوركيميك الركلة التشيكوسلوفاكية الرابعة، ثم أهدر أولي هونيس الركلة الألمانية الرابعة، ليصل الحسم إلى أنتونين بانينكا، البالغ حاليًا من العمر 75 عامًا، الذي قرر تسجيل اختراعه، مترجمًا ركلة ستبقى في ذاكرة اليورو، وفاتحًا الطريق أمام أساطير نفذوا ركلاتهم بتقنية «بانينكا» في المستقبل، وعلى رأسهم فرانشيسكو توتي، وزين الدين زيدان، وأندريا بيرلو، وليونيل ميسي.
وعندما سُئل بيليه، النجم البرازيلي الراحل، عن الركلة، اختار أن يصف بانينكا بـ «إما عبقري أو مجنون»، ووَصْفُ بيليه كان دقيقًا، لأن بانينكا طبع اسمه بين عباقرة كرة القدم بتنفيذه الناجح لهذه الركلة المبتكرة في مباراة نهائية أمام حارس كبير، لكنه كان سيتحوّل إلى «مجنون» إن بقي ماير في مكانه وأمسك بالكرة، فهذا السيناريو كان سيعني موت ركلة «بانينكا»، فور ولادتها.