فرانكس.. أذهل العالم بالمهدرة.. وانتصر على الجنون
قبل 3 أسابيع من إتمامه عامه الـ 18، قدّم البلجيكي الواعد أستر فرانكس لاعب الوسط، نفسه للعالم بأسوأ صورة ممكنة، مهدِرًا ما عدّتها وسائل إعلامٍ إحدى أسهل فرص التسجيل في تاريخ كرة القدم.
وحتّى 12 سبتمبر 2020، موعد مباراة فريقي ميشيلين وأوستيند، كانت معرفة متابعي الكرة باللاعب، الكونجولي الأصل، تكاد تقتصر خارج بلجيكا على ما أوردته تقارير صحافية عن خَطفِه أنظار كشّافي المواهب في ناديي ليفربول ومانشستر سيتي، عملاقي الدوري الإنجليزي الممتاز.
وأمام مرمى أوستيند، عاش فتى ميشيلين الصغير، الحالم بالنجومية، كابوسًا، أصاب كل من رآه بالذهول.
خرج الحارس من مرماه وتركه خاويًا، وروّض فرانكس الكرة على صدره واستعد لإحراز هدفٍ سهلٍ للغاية من مسافة 3 ياردات فقط، لحساب خامس جولات موسم 2020ـ2021 من الدوري البلجيكي.
فجأة، اختل توازن الصغير وتعثرّت قدماه وأهدر فرصةً لا تضيع، أصبحت لأيامٍ عدّة حديث جمهور الكرة العالمية، ومثار سخريةٍ حادة، على وسائل التواصل الاجتماعي. جثا اللاعب على ركبتيه، عند خط المرمى، وأمسك برأسه متحسرًا غيرَ مُصدِّقٍ خذلان جسدِه له.
وازداد الأمر سوءًا بإحراز فريق أوستيند هدفًا بعد دقائق قليلة، خسِر به ميشيلين المباراة «0ـ1».
بعد الخروج من الملعب، تمالك فرانكس مشاعره وصرَّح بثباتٍ كشف مبكّرًا عن صلابة شخصيته في وجه التحديات «لن أجعل ضياع هذه الفرصة يوقظني طوال الليل، سأتطلع إلى المباراة التالية ولن أترك رأسي يُصاب بالجنون».
في اليوم التالي، تساءلت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية «هل هذا أسوأ إهدار لفرصة في تاريخ كرة القدم؟». وكتب موقع «سبورت بايبل» الإلكتروني «إنها أسوأ فرصة ضائعة نراها حتى الآن»، فيما علّق موقع «جول» عبر منشورٍ على منصة «إكس»: «هي أكثر فرصة مروّعة في تاريخ كرة القدم».
تحوّل ابن الـ 17 عامًا إلى مادةٍ للضحك، لكنه قاوم ذلك بسلاح التجاهل، وواصل المشاركة الدائمة بقميص ميشلين، الذي صعد إليه، موسمَ 2019ـ2020، من فئات النادي العمرية.
وقبل انتصاف موسمه الثاني على مستوى الفريق الأول، تعاقد معه نادي فولفسبورج الألماني، وقال عنه في بيان إعلان الصفقة: «هو لاعب موهوب للغاية ويجيد أداء أدوار مختلفة في منتصف الملعب».
أكمل فرانكس موسمَه مع ميشلين، وانضم في الصيف إلى فريقه الجديد، وتأرجَح حضورُه بين أساسيّ وبديل، لكنه كان كافيًا لإقناع إيه سي ميلان، عملاق إيطاليا، بالتعاقد معه، صيف 2022، على سبيل الإعارة لموسم.
بعد وصوله إلى ميلانو، قال البلجيكي في تصريحاتٍ صحافية: «كان عليّ أن أبحث عن حل.. مدرب فولفسبورج قال لي إنه لن يستطيع منحي الدقائق التي أتوقعها.. لم يَسِر موسمي الأول هناك كما كنت أتوقّع.. ومشروع ميلان أعجبني للغاية».
وبينما كان يستعد لارتداء قميص «الروسونيري»، سُئِل عن حلم تمثيل منتخب بلاده في كأس أوروبا المقبلة «ألمانيا 2024» فأجاب متحليًّا بالثقة التي تُلازِمه منذ البدايات: «أريد أن أصبح شيطانًا أحمر في أسرع وقت ممكن، لا أقول لنفسي على الفور، لكن في غضون عامين يجب أن أكون هناك».
إلا أن تجربة ميلان فشلت، واقتصرت مشاركات صاحبها على 10 مباريات، فعاد إلى فولفسبورج عازمًا على إثبات قدراته.
وتساوَى عددُ مشاركاتِه مع الفريق بعد العودة مع عددها قبل الإعارة.
لكن دقائقه القليلة بقميص «الروسونيري» أثارت إعجاب الإيطالي دومينيكو تيديسكو، مدرب منتخب بلجيكا، فمنحه أول استدعاء دولي قبل عام، وأبقاه بين خياراته طوال الموسم الماضي، قبل أن يستدعيه أخيرًا إلى قائمة «الشياطين الحُمر» المُشارِكة في كأس أوروبا، لتتحقّق بحذافيرها أمنيةٌ عبَّر عنها صاحب الـ 21 عامًا لحظة انضمامِه إلى ميلان، وبدت حينها حُلمًا بعيد المنال، عندما قال: «بعد عامين، يجب أن أكون هناك» في إشارةٍ إلى ألمانيا، البلد المضيف.