الغليميش.. جندي الأخضر وحامل أسراره
في كل منجز ثمة جنود مجهولون لا يعرفهم سوى المطلعين على بواطن الأمور، هم أشبه برجال المهمات الصعبة، والراحل عبد الله الغليميش، إداري المنتخب السعودي الأول لكرة القدم سابقًا، أحد هؤلاء الجنود يتنقل كالنحلة من مهمة إلى أخرى لا يكل ولا يمل، قدم عصارة شبابه في خدمة منتخب بلاده وكان أحد أبطال منجزاته على مدار أكثر من 40 عامًا.
في مطلع الثمانينيات الميلادية وبينما كانت الكرة السعودية تحبو نحو خطواتها الأولى في مقارعة كبار القارة الآسيوية، تعاقد المنتخب السعودي مع البرازيلي الشهير روبنز مانيلي الذي كان أحد الأسماء التي لمعت كثيرًا في فترة الثمانينيات، والذي قرر بناء استراتيجية خاصة لتطوير المنتخب السعودي حينها بدعم مباشر من الراحل الأمير فيصل بن فهد الذي منحه كافة الصلاحيات للسير في خطته نحو تطوير الأخضر.
ضمت الاستراتيجية التي وضعها المدرب البرازيلي الشهير استحداث منصب مسؤول الملابس والذي لم يكن معروفًا في المنطقة العربية على عكس البرازيليين، والذي تستلزم مهمته توفير ملابس للمباراة، وملائمتها للمباراة والتناسق وصلاحية الخام في عملية تكراره وأشياء عديدة في هذا المجال.
كان الراحل عبد الله الغليميش في بداية شبابه وتولى مهمة منصب مسؤول الملابس في ذلك الوقت وظل حاضرًا ومرافقًا للأخضر أينما حل وأرتحل، لا يتخلى عنه المدربون الذين تعاقبوا على قيادة المنتخب بمختلف جنسياتهم.
يبذل الغليميش مسؤول الملابس في المنتخب السعودي الأول لكرة القدم جهودًا جبارة من أجل تجهيز جميع الملابس الخاصة بالتدريبات والمباريات، للاعبين وأعضاء الجهازين الفني والإداري، إضافة إلى أدوات التدريب.
كان الغليميش من أبرز الرجال في طاقم البرازيلي مانيلي وكانت تلك الحقبة باتفاق وإجماع كبير من نجوم وأساطير كرة القدم السعودية على أنها نقطة التحول التي أثرت ودفعت بالكرة السعودية في اتجاه الانضباط والتأسيس لمرحلة مختلفة كلها إبداع وإنتاج وتحقيق للبطولات والإنجازات بدأت من خلال القاعدة الصلبة التي أسسها المدرب البرازيلي مانيلي وطاقمه.
يقول صالح النعيمة قائد الأخضر التاريخي السابق عن تلك الحقبة: «لقد حضر المدرب البرازيلي مانيلي إلينا بعد أن كنا في غاية التسيب ثم قادنا مع طاقمه بقوة نحو الانتظام والانضباط»، كما وصف الكابتن والنجم محمد عبد الجواد المدرب مانيلي بأنه المهندس الحقيقي للكرة السعودية، لقد وجد كل المدربين الذين مروا وأشرفوا على تدريب المنتخب بعد مانيلي الأرضية الخصبة والجاهزة للاستثمار والبداية كانت مع الزياني آسيا 84.
عاش الجندي المجهول مع الأخضر ذكريات لا تنسى خصوصًا في نهائيات كأس العالم التي رافق فيها الأخضر جميعًا، حيث كانت أفضل الذكريات للغليميش موسم 1994 في مونديال كأس العالم في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم كؤوس العالم التي شارك فيها الأخضر في فرنسا 1998، وكذلك كوريا الجنوبية واليابان 2002، وفي ألمانيا 2006.
في المونديال الأمريكي يحكي الغليميش عن أصعب موقف تعرض له فيقول: «قبل مباراة المغرب في مونديال 94 تضايق لاعبو المنتخب من الأطقم التي ارتدوها في المباراة الأولى أمام هولندا بسبب حرارة الجو، ونجحنا في توفير أطقم جديدة باردة، ومن شدة الحرص عليها وضعتها في غرفتي وقبل المباراة بساعات وعند عودتي للغرفة وجدتها سرقت واضطررت لإعادة الطقم السابق».
تسبب ارتباط الغليميش وحبه الشديد للبرازيلي روبنز مانيلي الذي يعده أستاذه الأول في حبه وعشقه للمنتخب البرازيلي وتعلمه اللغة البرازيلية حتى يتابع ويتحدث مع المدربين ويتعلم منهم، يقول في حوار صحافي مع الرياضية: «عشقت البرازيل ومنتخبها بحكم ارتباطي الشديد مع المدرب الراحل مانيلي الذي أحمل له تقديرًا خاصًا، وحقيقةً أنا أعشـق أداء البرازيل وأطرب لعطاء لاعبيه».
يفخر الراحل بأنه يتشارك مع الثنائي سامي الجابـر ومحمد الدعيع لاعبي المنتخب السعودي السابقين المشاركة في أربعة مونديالات بداية من 94 ونهاية في 2006، ويصفه اللاعبون بأنه ملح معسكرات الأخضر والرجل الذي لا تفارقه الابتسامة في مختلف الظروف.