دياني.. أسد سنغالي حمل القادسية إلى روشن
يعيش المدافعون 90 دقيقة من الرعب حينما يواجهون «أسد التيرانجا» مباي دياني، مهاجم فريق القادسية الأول لكرة القدم، الذي يستخدم طوله الفارع وجسده القوي، في تعذيب خصومه ومنافسيه، مع ملامحه القاسية، وبنيته الضخمة، لا يعرف الابتسامة إلا حين يضع الكرة في الشباك.
وُلد مباي دياني في 28 أكتوبر 1991، لأبوين سنغاليين مكافحين كانا يعيشان في ضواحي مدينة داكار العاصمة السنغالية، التي تجمع كل التناقضات، فمن جهة يرى السائح الكورنيش حيث مشهد مياه المحيط الساحر، وفي الجهة المقابلة له أسواق شعبية تعج بالحركة والصخب. ترى أيضًا سيارات فارهة إلى جانب عربات تجرّها الخيول.
هذه هي داكار، عاصمة السنغال، الواقعة على طرف شبه جزيرة الرأس الأخضر في أقصى غرب قارة إفريقيا. مدينة أنيقة وفوضوية، تعتز بانتمائها إلى غرب إفريقيا، في الوقت الذي تقر فيه الفرنسية لغة رسمية لها.
في طفولته تعلم مسار الكرة مع أقرانه في الأحياء الفقيرة التي سطع منها نجوم القارة السمراء، آمن مباي بدمائه الإفريقية، وتعلم مبكرًا الدرس الشائع في القارة السمراء: «الأمل لا يقتل، سأعيش وأحصل على ما أريد يومًا ما».
وصل الفتى السنغالي في سن مكبرة إلى إيطاليا مع عائلته، وكحال أغلب فقراء إفريقيا المهاجرين إلى أوروبا بحثًا عن حياة ومصدر رزق أفضل، اُضطر لمعاونة والدته في أعمال الكثيرة، منها عامل بناء في الصباح، ومراهق بلا هاجس أو تحدٍ داخلي لاستغلال موهبته في احتراف كرة القدم، إلى أن ساقه القدر لمقابلة أحد الكشافين، حيث بدأ مشواره الكروي على مستوى الفريق الأول في سن صغيرة، ولكن في فرق مغمورة على مستوى كرة القدم الإيطالية، إذ دافع عن ألوان فريق برانديزو الإيطالي لعامين، بدءًا من 2010 وحتى 2012، مشاركًا في 30 لقاءً، ومسجلاً 27 هدفًا.
وتركزت مسيرة دياني الكروية على الفرق الإيطالية، كونه وقّع في يوليو من عام 2012 لصالح فريق رابطة الكالشيو، أحد أندية الدرجة الثانية هناك في إيطاليا، وظهر دياني في محطته الثانية في 29 مباراة، مسجلاً 23 هدفًا.
في يوليو من عام 2013 انتقل دياني إلى يوفنتوس الإيطالي في صفقة لم تكشف تفاصيلها المالية، ولكنه لم يلبث في بطل الدوري الإيطالي سوى أيامًا معدودة حتى وقع عقد إعارته لنادي أجاكسيو الفرنسي لمدة موسم واحد، لكنه لم يحقق شيئًا يذكر مع أجاكسيو، وظل حبيس مقاعد البدلاء حتى فترة الانتقالات الشتوية، التي شهدت فسخ العقد المبرم مع النادي الفرنسي، كونه لم يشارك في أي لقاء.
تنقل بعدها الفتى السنغالي في مختلف الأندية، وحضر إلى السعودية للمرة الأولى موسم 2014 مع نادي الشباب الذي لم يستمر مع معه طويلًا، ومثّل دياني بعد الشباب فريق ويسترلو البلجيكي ولكنه لم يقدم ما كان يأمل به، فلعب 11 مباراة وسجل ثلاثة أهداف فقط، قبل أن يخوض تجربة مع فريق أوجبست المجري، وهناك بدأ في تحقيق مبتغاه، وسجل 11 هدفًا في غضون 16 مباراة، ثم عاد إلى قارة آسيا عبر فريق تيانجين الصيني، ولعب معه 45 مواجهة سجل فيها 15 هدفًا.
بعد ذلك حظيّ دياني بالفرصة الأهم في مسيرته بتلقيه عرضًا من فريق قاسم باشا التركي، فتحول معه إلى هدّاف كاسر بتسجيله 32 هدفًا في 36 مباراة، ومنحته تلك الأرقام فرصة أكبر وذلك بانتقاله إلى فريق غلطة سراي التركي.
يُعرف دياني بحبه الشديد لوالدته وتعلقه بها، واستطاع أن يحقق لها حلمها بزيارة مكة المكرمة وأداء فريضة الحج قبل أعوام عدة برفقة خالته، وفي كل عام تزور والدته مكة المكرمة مرة واحدة.
كان انتقاله إلى القادسية السعودي مطلع الموسم الجاري الخبر الأسعد بالنسبة لوالدته المتعلقة كثيرًا بالمشاعر المقدسة، وكانت موافقة الفتى السنغالي على العرض القدساوي بسبب رغبة والدته الإقامة في بلد مسلم.
لم يكن رهان القدساويين على العملاق السنغالي من فراغ، بعد أن قاد فريقهم إلى العودة لدوري الكبار، وتألقه في هز شباك الخصوم الواحد تلو الآخر، مثبتًا نفسه هدّافًا لدوري يلو لأندية الدرجة الأولى برصيد 24 هدفًا قبل جولتين من النهاية.