ديوس.. الطريق بين خلافة مورينيو وهلال جيسوس
لكي تُقارَن بالبرتغالي الاستثنائي جوزيه مورينيو، لا تحتاج إلى الثقة بالنفس، ورباطة الجأش فقط، بل للكفاءة أيضًا.. هذا ما أدركه جواو دي ديوس، ذلك الشاب الذي حلم باستنساخ مسيرة «سبيشال وان»، وانتهى به المطاف ذراعًا أيمن لجورجي جيسوس، مدرب فريق الهلال الأول لكرة القدم.
مِثل مورينيو، ينحدر ديوس من مدينة سيتوبال، أو شطوبر، كما كانت تُدعى إبان العهد الأندلسي، وأيضًا بدأ مسيرته الاحترافية من بوابة ناديها «فيتوريا»، الذي شكّل نقطة انطلاق «مو» تدريبيًا، أوائل عقد التسعينيات الميلادي.
وعلى غرار الأول، اعتزل ديوس اللعب خلال عشرينياته، بعد مسيرة متواضعة، قضاها بين مركزي الظهير والمدافع، وسلك مجال التدريب شابًا في بدايات الألفية الجارية، تزامنًا مع صعود بسرعة الصاروخ لجوزيه على مدارج المهنة.
وكما فعل فيتوريا سيتوبال من قبل مع مورينيو، فتح النادي أبوابه مباشرةً لظهيره السابق، وعيّنه مدرب لياقة، للفريق الأول، وبعد 3 أعوام اتّخذ الشاب منحى آخر، مفاجئًا بالنسبة لعمره، وولّى وجهه نحو إفريقيا، وانضمّ إلى الطاقم الفني لمنتخب الرأس الأخضر، بمسمّاه الوظيفي ذاته.
دامت هذه التجربة فترة قصيرة، وسرعان ما انتقل إلى نادي إنتر كلوب في أنجولا، مستغلًا تحدُّثها، مثل الرأس الأخضر، بالبرتغالية، لغته الأم.
وفي 2008، أعاده البلد الأول إلى أراضيه مجددًا، وسلّمه زمام الجهاز الفني للمنتخب، وعندئذ بدأ ربطه بمورينيو، لتشابههما في الاعتزال وبدء التدريب مبكرًا.
وحين أجرت معه هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» مقابلة، خلال تلك الفترة، رأت فيه، كما أفادت عبر موقعها الإلكتروني، ثقةً بالنفس، ورباطة جأش «لا حدود لها»، ذكّرتها بجوزيه، مع الوضع في الاعتبار التناقض الجليّ بين مسيرتيهما المهنيتين.
وعَبْر تلك المقابلة، شرح البرتغالي كيف بإمكان مدرب مثله، يبلغ من العمر 31 عامًا فقط، قيادة لاعبين يكبرونه سنًا، بفضل سماته الشخصية.
«لا علاقة لعمري بما إذا كان لديّ الخبرة الكافية لأشغل هذا المنصب، المهم هو دراسات الفرد، ومعرفته بكرة القدم، وسلوكه.. أحاول التصرف بطريقة تؤسّس القواعد.. إذا نظر إليّ لاعبو فريقي، ورأوا سلوكًا جيدًا، وأدركوا احترافيتي، فسيحترمونني، سواء كان عمري 31 أو 101».
وبهذا التصريح، أظهر ديوس جانبًا من عقليته يُشبه فيه مورينيو، الذي جاء بعيدًا عن خياريه المفضّلين، حين سُئل، خلال المقابلة، عن قدوته في عالم التدريب.
«المدربون الطليان قدوتي، مثل مارتشيلو ليبي، وأريجو ساكي، لكن بما أنني برتغالي من سيتوبال فأنا أحب مورينيو حقًا.. إنه أفضل مدرب في العالم».
وقتما قال ديوس ذلك، أكتوبر 2008، كان ليبي عائدًا للتو إلى مقعد قيادة منتخب بلاده، بعد عامين من فوزهما سويًا بذهبية كأس العالم، أما ساكي فغادر التدريب 2001 ولم يعد، بينما كان «السبيشال وان» يضع اللبنات الأولى لتجربة تاريخية مع فريق إنتر ميلان الإيطالي.
قبل إنتر، خاض مورينيو تجربتين تدريبيتين رئيستين، مع بورتو البرتغالي أولًا، ثم تشيلسي الإنجليزي، وازدانت سجلّاته خلالهما ببطولات عدة، أبرزها دوري أبطال أوروبا، ولقبا «بريمييرليج»، عدا عن سيل من الجوائز الفردية الرفيعة. وتحقيق ما يعادل نصف هذه الإنجازات لم يكن يُرضي غرور مدرب الرأس الأخضر، الذي قال لـ «بي بي سي»: «آمل الوصول لقدر النجاح ذاته الذي حققه، فالنصف غير كافٍ بالنسبة لي».
هذه الثقة التي أبداها، لم يترجمها إلى نجاح في مهمته مع منتخب الرأس الأخضر، الذي عجز تحت إمرته عن عبور تصفيات كأس العالم 2010، لينزح المدرب إلى مدينة «سبتة» شمالًا، كيّ يقود فريقها، المغربي الموقع، في دوري القسم الثاني الإسباني.
أتت الخطوة دون استئذان اتحاد الكرة في البلد الإفريقي، الذي أصدر بيانًا ينفي فيه علمه برحيل المدرب، إلا من خلال إعلان نادي سبتة تعيينه، بينما أصرّ البرتغالي على صحة موقفه ولم يعد.
ومن تجربة سبتة التي انتهت سريعًا بالفشل، عاد ديوس إلى بلاده وتنقل بين المحطات المتتالية دون ترك بصمة، حتى وصل إلى سبورتنج لشبونة، لقيادة فئة الرديف، وهناك، التقى لاحقًا بجورجي جيسوس، عندما عُيِّن الأخير مدربًا للفريق الأول، صيف 2015.
عمل المدربان على خطّين متوازيين، وجرى بينهما تنسيق وتفاهم، حتى افترقا برحيل ديوس، فبراير 2017، مواصلًا فيما بعد محطاته غير الناجحة التي أثبتت، دون أدنى شك، خطأ مقارنته في السابق بمورينيو.
وفي أواخر 2018، أقيل من تدريب إيرميس أراديبو القبرصي، وبات بلا وظيفة، ولمّا علم جيسوس بذلك، أثناء ولايته الأولى مع الهلال، عرض عليه العمل مساعدًا له، ووافق ديوس، في اعتراف ضمني منه بالفشل كرجل أوّل.
ومنذ ذلك الحين، أصبح مُلازمًا لجيسوس في جميع تجاربه، محققًا معه الألقاب التي كان يسعى لانتزاعها بنفسه مثل مورينيو، فإذا به يكتفي بمعاونة مدرب آخر على حصدها.