السعيد.. رابع الهدافين يفوق توقعات «الأهرام»
في صيف عام 2002، وبينما كان جمهور فريق الإسماعيلي المصري الأول لكرة القدم يحتفل بخطف لقب الدوري الممتاز من الكبيرين الأهلي والزمالك، بدأت هجرة النجوم من معقل «الدراويش»، وقادها محمد بركات بانتقاله إلى الأهلي السعودي، فاتحًا الباب أمام مغادرة أغلب أبطال الدوري.
ووسط حسرة مشجعي الفريق الأصفر والأزرق على تسرّب أبرز أعمدته، ورحيل مدربه محسن صالح لتدريب منتخب «الفراعنة»، نشرت مجلة «الأهرام الرياضي»، الأسبوعية المصرية، صورةً لناشئ عمره 17 عامًا، يُدعى عبد الله محمود السعيد، عبر زاوية ثابتة عن مواهب كروية مرشحة للبروز.
تنبأ كاتب الزاوية، بعد متابعة لمنافسات الفئات السنية، بتألق السعيد، الذي كان طالبًا في المرحلة الثانوية، وقرب تصعيده إلى الفريق الأول لناديه الإسماعيلي. كان ذلك شبيهًا بما تتوقّعه الزاوية لأي ناشئ تتناول اسمَه.
لكن ربما لم يخطر ببال الكاتب استمرار هذا الناشئ بالذات أكثر من 20 عامًا على المستطيل الأخضر.
في العام التالي لصدور عدد «الأهرام الرياضي»، حقق المدرب الألماني المخضرم ثيو بوكير تنبؤ الصحافي ونقَل عبد الله السعيد من درجة الشباب إلى الفريق الأول، ليبدأ الفتى القصير المهاري رحلةً كرويةً مثيرةً لا تزال مستمرة إلى اليوم.
سُرعان ما تحوّل الصاعد إلى أحد اللاعبين المفضلين عند مدرَّج الدراويش، وخطَف الأضواء مستغلًا رحيل أغلب النجوم إلى الأهلي والزمالك وأندية خارجية. وبمرور الأعوام، وجد طريقه إلى المنتخب المصري الأول، وأصبح أحد أبرز نجوم الدوري في بلاده.
وعلى غرار العديد من نجوم الإسماعيلي، انتقل إلى الأهلي بحثًا عن مزيدٍ من النجومية والألقاب.
ويُمثّل ارتداء القميص الأحمر منتهى أحلام الكثير من اللاعبين المصريين. لكن السعيد الذي صدم ناديه الأول بالخروج إلى قلعة الأهلي، غادر الأخيرةَ بإرادته، صيف 2018، متجهًا إلى الأهلي السعودي في تجربة قصيرة دامت نصف موسمٍ فقط، وأنهاها بعودته إلى بلاده لارتداء قميص فريق بيراميدز.
الآن، وبعد إغلاقه صفحة بيراميدز، يخطِف صاحب الـ 38 عامًا الأضواء مجدّدًا، وينتقل إلى الزمالك، الغريم التقليدي للأهلي، منفّذًا خطوةً كان ينوي أخذَها قبل ستة أعوام عندما خلع القميص الأحمر.
اعتزل أغلب من زاملوا السعيد عندما صُعِّد إلى فريق الإسماعيلي الأول، وبقِيَ هو محتفظًا بدوافعه الرياضية محافظًا على مكانه في الملعب، وقدرته على إثارة الجدل والإعجاب، وإتقان الصمت في مواجهة وسائل الإعلام.
وفي تفسيره لاستمرارية السعيد، رابع الهدافين التاريخيين للدوري المصري بـ 122 هدفًا، يشير المعلق الكروي بلال علام، وهو يهنئ صديقه بالانتقال إلى الزمالك، إلى ما يمتلكه أحدث نجوم القميص الأبيض من «احترافية حقيقية» و«تأثير بعيد عن أي مزايدات» وتمتع بـ «الذكاء والإخلاص».
ومساء الإثنين، لعِب السعيد، أمام الإسماعيلي ناديه السابق، أول مباراةٍ رسميةٍ له مع الزمالك، مُدشِّنًا في الميدان فصلًا جديدًا من حكايته الطويلة، التي علَّق عليها أحمد حسام ميدو، النجم السابق والمدرب والإعلامي، أخيرًا بالقول «إن صاحبَها هو أفضل لاعب في مصر على مدى الـ 12 عامًا الأخيرة».