قصة طفل حلوان.. من اكتشاف «زيزو» إلى قيادة المصريين
في نهاية عقد السبعينيات الميلادية، وداخل ملعبٍ تابعٍ للنادي الأهلي المصري، صاح عبد العزيز عبد الشافي، نجم كرة القدم الذي كان معتزلًا للتو، على صبيّ صغيرٍ، وسط مئات المتقدِّمين لاختبارات القبول في «القلعة الحمراء»، مطالبًا إياه بالتوقُّف عن لمس الكرة، والانتقال إلى المرحلة التالية.
اقتنع «زيزو» سريعًا بموهبة صاحب الـ 13 عامًا، القادم من حي حلوان، جنوب القاهرة، ووجَّهه نحو أحد الإداريين لتوقيع استمارة الانضمام إلى قطاع الناشئين الأهلاوي.
وفي طريقه إلى الإداري، التفت الصبي حسام، ابن الموظف حسن حسنين، بلهفةٍ إلى الملعب، لمراقبة مصير شقيقه إبراهيم، الذي لاقى استحسان «زيزو» بعدها بدقائق، ولحِق بأخيه، لتبدأ في ذلك اليوم من صيف عام 1979 قصة أشهر توأمٍ في تاريخ الكرة المصرية.
يصف حسام ذلك اليوم بقوله في تصريحاتٍ تلفزيونيةٍ «كِدت أصاب بالجنون، كنت أنتظر إبراهيم حتى ينضم إليَّ، ونوقِّع سويًّا، لو لم يقبلوه لكنت قد غادرت معه».
وبعد أشهرٍ من ارتدائهما القميص الأحمر، فقَد حسام وإبراهيم الأبَ، الذي تُوفِّي قبل أن يراهما وهما يشقَّان طريقهما، قبل انتصاف عقد الثمانينيات، إلى صفوف فريق الأهلي الأول ومنتخب «الفراعنة».
لكن رتيبة عبد اللطيف، ربَّة المنزل وزوجة الراحل، عاشت مشاعر الفخر وهي تتابع «حُس» و«هيما»، كما كان يحلو لها تسميتهما، يقودان المنتخب للتأهل إلى كأس العالم 1990.
وبلغت سعادتُها ذورتَها مطلع عام 1998، عندما لَعِب حسام، بأهدافه وقيادته زملاءه، دور البطولة في فوز «الفراعنة» بكأس إفريقيا التي احتضنتها بوركينا فاسو.
كانت تلك إحدى اللحظات النادرة التي يغيب فيها إبراهيم، الموقوف آنذاك بقرارٍ انضباطي، عن مرافقة شقيقه في عالم الساحرة المستديرة.
وتكرّر الفِرَاق، المؤقت، بعدها بثمانية أعوام، عندما رفض حسن فريد، رئيس نادي الترسانة، انضمام إبراهيم إلى صفوف الفريق، الملقَّب بـ «الشواكيش»، مشترطًا انضمام حسام وحدَه.
وأمام إصرار فريد، عجز حسام هذه المرة عن انتظار إبراهيم، عكس ما فعل وهو صبي، وتركه يعتزل، فيما ارتدى هو قميص الترسانة، ومن بعده الاتحاد السكندري، قبل أن يعتزل بدوره خلال موسم 2007ـ2008.
وسرعان ما التأم شمل «حُس» و«هيما»، بعدما شكَّلا، فور اعتزال حسام، ثنائيًّا تدريبيًّا منسجمًا، لا تفرِّقه أي ظروفٍ.
وفي كل فريقٍ تولَّى حسام تدريبه، كان من طلباته الرئيسة تعيينُ إبراهيم مديرًا للفريق، وهو ما قبِلَت به إدارات ثمانية أندية، هي المصري البورسعيدي، والزمالك، والإسماعيلي، والاتحاد السكندري، والمصرية للاتصالات، ومصر المقاصة، وبيراميدز، وسموحة، فضلًا عن مُسيِّري منتخب الأردن الأول.
وبينما كان التوأم يقودان منتخب الأردن، تلقَّيا، في مثل هذا الوقت من عام 2014، نبأ حزينًا من القاهرة، إذ توفِّيَت والدتهما، عن عمرٍ يناهز الـ 79 عامًا، بعد متاعب صحية.
عاد النجمان سريًعا إلى مصر، وحملا، مع ثمانية أشقاء لهما، جثمان السيدة التي قالا، في حوارٍ تلفزيوني، إنهما كانا ينامان على يديها حتى بلغا من العمر 23 عامًا، وقالت هي عنهما، في لقاءٍ تلفزيوني آخر، إنها كانت تُوزِّع الحلوى على جيرانها في حلوان فرحًا بأهدافهما.
رحل الأب، ثم الأم، وبقِي رِباط الأخوَّة، الذي أوصيا بالحفاظ عليه، حاكمًا لمسيرتي ابنيهما وتحركاتهما الرياضية.
وفي ذكرى مرور عشرة أعوام على وفاة والدتهما، حقّق حسام حسن، قبل أيام، أحد أبرز أحلامه المهنية بتسلُّم تدريب منتخب بلاده، فيما ذهب منصب مدير المنتخب إلى إبراهيم، الذي قال عن شقيقه في وقت سابق «هو أفضل مدرب كرة قدم مصري».