مقال اليوم من أخبار ودراسات العالم الذي نعيش، وقد لا أكون مخطئًا إذا قلت إنه عالم يتغير بسرعة لم يشهدها من قبل، وإن أطفال اليوم سيعيشون حياة مختلفة عن حياة آبائهم وأجدادهم بشكل فارق جدًا. في بداية القرن التاسع عشر انتشرت الآلة، ومع أنها أخذت نصيبًا كبيرًا من حصة أصحاب المهن اليدوية، إلا أنها فتحت المصانع ووظفت عشرات آلاف العمال، ونشرت السلع في كل العالم. كان تطورًا طبيعيًا، لم يتخل فيه الإنسان عن أسلوب حياته المعتاد، بل سهلت كل الأجهزة حينها حياته، انتشرت الكهرباء وظهر الهاتف والتلفزيون وانتشرت السيارة وأتاحت الطائرة السفر لكل أنحاء الأرض. كانت كل هذه التسهيلات قفزة كبرى للدرجة التي جعلت القرن التاسع عشر قرن حصاد العلم. لكن عالمنا الذي نعيش اليوم يتحول إلى عالم جديد له شكله وقواعده الجديدة، عالم وإن كانت أسسه العلمية مأخوذة من القرن الذي سبقه إلا أن الاختلاف شاسع. قبل أيام طرحت «آبل» خوذة «فيجن برو»، وانتشرت في السوشال ميديا عشرات الفيديوهات لأشخاص يرتدون الخوذة وهم يحركون أيديهم في الهواء. كانت حركات أيديهم تفاعلًا مع الواقع الافتراضي الذي يعيشونه داخل الخوذة! أي أنهم يعيشون في اللحظة ذاتها عالمين، عالمًا كل ما فيه حقيقي وآخر مختلف تمامًا داخل خوذتهم. لا أعرف أين يتجه العالم الذي نعيش، لكن آبل التي تبيع الخوذة بحوالي 3500 دولار لا يبدو أنها تطمح إلى هذا المبلغ المحدد، فدخول الإنسان في عالم الخوذة يعني أنه دخل عالمًا صنعته آبل بما يناسب جيبها ومستقبلها. سوف يقرأ لابس الخوذة ما تريد آبل له أن يقرأه، ويشاهد ما تريد أن يشاهده، سوف تكون بنكه وسوقه واتصالاته وألعابه، وستعرف حالته الصحية، والأطعمة التي يتناولها، والألوان التي يفضلها، وكامل حياته التي يحياها في عالم آبل الافتراضي. لن تبقى آبل وحيدة، وستشتعل المنافسة بين الشركات، وستظهر خوذ كثيرة، وسيتغير مشهد الإنسان الذي يسير في الشارع إلى إنسان يلبس خوذة ويحرك يديه ويضغط أزرارًا افتراضية في الهواء. سيكون هذا المنظر عامًا، ولا أحد يعلم كيف سينجح الإنسان في حياتين، في الوقت الذي يصارع للنجاح في حياته الواقعية.
حكمة عالمية: لا تبنِ سجنًا لنفسك قضبانه آراء الناس.
حكمة عالمية: لا تبنِ سجنًا لنفسك قضبانه آراء الناس.