من أدبيات الحياة الاجتماعية في كوريا الجنوبية النومُ الباكر، الامتناع عن الأكل والشرب وقوفًا، وأثناء المشي، عدم وضع ساق فوق الأخرى في الأماكن العامة، وتجنُّب الرقم 4، فهو يرمز إلى الموت، عطفًا على تشابه نطق الكلمتين في اللغة الوطنية.
حياةٌ منظَّمةٌ أكثر مما هي صارمةٌ، يعتاد عليها الشعب الكوري في وطنه منذ الصغر، وهو ما ينعكس بوضوحٍ على معسكر منتخب بلاده الأول لكرة القدم في قطر، خلال بطولة كأس آسيا 2023.
ويتجلَّى ذلك في التزام جميع مكوِّنات المنتخب بالأنظمة المفروضة من قِبل إدارته، إذ يمتنعون عن الإدلاء بالتصريحات الصحافية، ولا يسمحون بزيارة مقر الإقامة تحت أي ظرفٍ، ويتيحون لوسائل الإعلام فقط اقتناص لقطاتٍ مصوَّرةٍ خلال الدقائق الـ 15 الأولى، المفتوحة من التدريب بموجب لوائح الاتحاد الآسيوي.
أمَّا الصحافيون من «بلاد الصناعات»، فيُلاحظ تمتُّعهم بسرعةٍ فائقةٍ أثناء تأدية عملهم، واللافت توخِّيهم الجماعية، وتعاون كلٍّ منهم مع الآخر لإتمام مهمته، وهو ما رصدته «الرياضية» خلال احتكاكها بهم في الدوحة وضواحيها.
يفسِّر جين، الموفد من صحيفة «كوريا تايمز»، هذه الروح بالقول: «من المهم أن نعمل سويًّا، هذه طبيعة الصحافة الحديثة. مهما كان العمل يتطلَّب جهدًا فرديًّا، فنظرية خلية النحل تشكِّل فارقًا للمؤسسة، وهو ما نؤمن به ونطبِّقه».
وكما هو حال منتخبهم، فالصحافيون الكوريون قليلو الكلام، ويتجنَّبون الظهور في لقاءاتٍ مع مؤسساتٍ إعلاميةٍ أخرى، والقليلُ منهم يتجاوب مع دعوات الحديث.
الجماهيرُ أيضًا تجسِّد ثقافة بلادها، وتبدو مثل مرآةٍ للاقتصاد الكوري المزدهر، والمعيشةِ باهظة الثمن، فهي ترتاد الوحدات السكنية الأعلى قيمةً، وغالبًا ما تختار منطقة لوسيل، بالقرب من جزيرة المها، حيث الفنادق مرتفعة الإيجار، التي تتَّسم بالرفاهية المُطلقة.
وعندما سألتهم «الرياضية» عن المباريات، كانوا يجنحون غالبًا للإجابة القصيرة، مع كثيرٍ من البشاشة، والابتسامة الممزوجة بالتحفُّظ والهدوء.
ولعلّ أكثر ما يُلاحظ على أبناء ذلك البلد التمتُّع بالروح العالية، وإلقاء تحيتهم الخاصَّة مع نهاية كل لقاءٍ أينما حلُّوا، وإبداء الشكر والامتنان دائمًا على منحهم الوقت.
ويواجه المنتخب السعودي نظيره الكوري، الثلاثاء 30 يناير الجاري، ضمن ثمن نهائي البطولة الآسيوية على ملعب المدينة التعليمية.