- متعدد المواهب، صنائعي عبقري. بإمكانه إصلاح أي عطل في سيارتك، وأي عطل في أنابيب المياه في بيتك، ولم يكن أقل مهارة في أعمال النجارة، بإمكانه صنع خزانة داخل الخزانة. كما أن أجوره كانت في المتناول. لكنك ستتورط إن لم تكن صبورًا معه. لأنه يأخذ وقتًا طويلًا في صناعة أو إصلاح الأشياء. قد يعمل أسبوعًا كاملًا في صناعة خزانة، أو يومين لإصلاح عطل السيارة، أو يومًا طويلًا لتبديل أنبوب مياه.
عندما تعطلت سيارتي المستعملة وكنت اشتريتها حديثًا وبدأ بإصلاحها، لاحظت أنه كان يفحص بدقة عدة أجزاء من الماكينة لم تكن متعطلة، وعندما أراد إصلاح أنبوب مياه الغسالة راجع ما سبقه من أنابيب. فهمت من مراقبتي له أن هذه المراجعات والفحوصات هي التي كانت تأخذ الوقت الطويل. في أحد الأيام قلت له: أنت تأخذ بأنه وقتًا طويلًا في إصلاح الأعطال، وربما هذا الأمر يأخر وتيرة أعمالك. كانت إجابته كافية لأن أتعرف عليه من جديد، قال: لا تحدث الأعطال عادة من دون مسببات خارجية. لماذا ينسد أنبوب؟ هل أقوم باستبداله فورًا أم أعالج السبب الذي جعله ينسد؟ هل تتعطل قطعة في الماكينة لأنها قررت ذلك أم أن شيئًا آخر أضر بها؟ الغالبية تريد حلولًا سريعة وإن كانت مؤقتة، وإن لم تكن في مصلحتها. ثم التفت نحوي وقال: هل سبق وأصلحت لك شيئًا ثم تعطل؟ أجبته: لا.
- كان يعبث، يسهر كثيرًا ويشتري وكأنه ينفذ معنى التبذير دون نقص. هذا كان أسلوب حياته لسنوات، التزم به مثلما التزم عزوفه عن الزواج. كنت بين مدة وأخرى أحذِّره مما يفعل: أنت لا تحتاج لأن أشرح لك أضرار السهر الدائم، ولا حكمة حفظ شيء من القرش الأبيض لليوم الأسود. مع كل تحذيراتي لم تتغير إجابته: يا أخي إنما أكافئ نفسي. في إحدى المرات تجرأت وسألته: وما الذي فعلته لتستحق كل هذه المكافآت؟ أجاب: لم أفعل شيئًا لغاية الآن.. لكني سأفعل يومًا ما، ولهذا آخذ المكافآت مقدمًا. كانت إجابته طرفةً أكثر من كونها إجابة حقيقية. اليوم تجاوز الخمسين بسنوات، وزنه تجاوز المئة وعشرة كيلو جرامات، يحمل أدويته أينما ذهب، وما كان يجنيه من مال في صحته عز عليه الآن بعد أن استنفذ الكثير منها. في لقائنا قبل عام كان حيويًا على عادته، يلقي النكات ويسترجع المضحك من الذكريات. لكن نظرة حزن كانت تسكن عينيه بعد كل نوبة ضحك. في أثناء ذلك جاءنا صديق ثالث ومعه ابنه الشاب. في أثناء الأحاديث التفت صاحبي إلى الشاب وسأله عن أحوال دراسته والتخصص الذي يرغب فيه، ثم قال له بحزم: قاوم ما تحب، وتحمّل ما تكره.
عندما تعطلت سيارتي المستعملة وكنت اشتريتها حديثًا وبدأ بإصلاحها، لاحظت أنه كان يفحص بدقة عدة أجزاء من الماكينة لم تكن متعطلة، وعندما أراد إصلاح أنبوب مياه الغسالة راجع ما سبقه من أنابيب. فهمت من مراقبتي له أن هذه المراجعات والفحوصات هي التي كانت تأخذ الوقت الطويل. في أحد الأيام قلت له: أنت تأخذ بأنه وقتًا طويلًا في إصلاح الأعطال، وربما هذا الأمر يأخر وتيرة أعمالك. كانت إجابته كافية لأن أتعرف عليه من جديد، قال: لا تحدث الأعطال عادة من دون مسببات خارجية. لماذا ينسد أنبوب؟ هل أقوم باستبداله فورًا أم أعالج السبب الذي جعله ينسد؟ هل تتعطل قطعة في الماكينة لأنها قررت ذلك أم أن شيئًا آخر أضر بها؟ الغالبية تريد حلولًا سريعة وإن كانت مؤقتة، وإن لم تكن في مصلحتها. ثم التفت نحوي وقال: هل سبق وأصلحت لك شيئًا ثم تعطل؟ أجبته: لا.
- كان يعبث، يسهر كثيرًا ويشتري وكأنه ينفذ معنى التبذير دون نقص. هذا كان أسلوب حياته لسنوات، التزم به مثلما التزم عزوفه عن الزواج. كنت بين مدة وأخرى أحذِّره مما يفعل: أنت لا تحتاج لأن أشرح لك أضرار السهر الدائم، ولا حكمة حفظ شيء من القرش الأبيض لليوم الأسود. مع كل تحذيراتي لم تتغير إجابته: يا أخي إنما أكافئ نفسي. في إحدى المرات تجرأت وسألته: وما الذي فعلته لتستحق كل هذه المكافآت؟ أجاب: لم أفعل شيئًا لغاية الآن.. لكني سأفعل يومًا ما، ولهذا آخذ المكافآت مقدمًا. كانت إجابته طرفةً أكثر من كونها إجابة حقيقية. اليوم تجاوز الخمسين بسنوات، وزنه تجاوز المئة وعشرة كيلو جرامات، يحمل أدويته أينما ذهب، وما كان يجنيه من مال في صحته عز عليه الآن بعد أن استنفذ الكثير منها. في لقائنا قبل عام كان حيويًا على عادته، يلقي النكات ويسترجع المضحك من الذكريات. لكن نظرة حزن كانت تسكن عينيه بعد كل نوبة ضحك. في أثناء ذلك جاءنا صديق ثالث ومعه ابنه الشاب. في أثناء الأحاديث التفت صاحبي إلى الشاب وسأله عن أحوال دراسته والتخصص الذي يرغب فيه، ثم قال له بحزم: قاوم ما تحب، وتحمّل ما تكره.