ـ التقيته في باريس أوائل الشهر السادس من هذا العام، وعندما سألته إن كان سيزور دبي قريبًا، فأجاب بأنه سيزورها في اليوم السادس من ديسمبر، وسيغادر في العاشر من الشهر.
كان يحفظ الموعد الذي سيسافر فيه بعد ستة أشهر، وعندما أكمل التواريخ التي سيسافر بها إلى عدة بلدان مرورًا بالرياض، وكان يحفظها بالوصول والمغادرة، غرقت مباشرة بفوضويتي. ولم أستطع فهم الكلمات التي كان يقولها بعد حالة الغرق، لأنني شردت في المقارنة بيني وبينه في تنظيم العمل. بالمناسبة لست ممن يصح أن يقال عنهم فوضويين، لا أبدًا، بل وفي السنوات الماضية زاد تنظيمي حتى أصبح محيطي يراني كشخص منظم، لكني لم أصل للمرحلة التي أعرف بها جدول أعمالي بعد شهرين أو أربعة أو ستة أشهر مثل صاحبنا. بالأمس التقيته في دبي، كنت موعدًا من ضمن مواعيده، وحرصت أن أدعوه إلى الغداء أو العشاء تاركًا له حرية الاختيار، فنظر إلى شاشة جواله وحدد لي وقتًا قال بأننا نستطيع فيه تناول الغداء على أن أعيده للفندق عند الثالثة. منذ أن ودعته عند باب الفندق وأنا أتذكر أحد أصدقائي الذي امتدح التزامي بدقة المواعيد وجدولة مهامي للأيام القادمة: ترى ماذا سيقول لو شاهد ضيفي الفرنسي وجدول أعماله الممتد لعدة أشهر بالأيام والساعات؟. مازلت أتذكر عندما سألني أحد الخواجات عن موعد سفري لكي ينسق لي موعدًا مع شخص آخر، فأجبته: لا أدري.. لم أحدده بعد. الآن فهمت تلك النظرة المستغربة ومعنى سؤاله: كيف لا تدري؟.
ـ لماذا أعيد مشاهدة فيلم العراب المرة تلو المرة؟ أعرف جميع أحداثة وأحفظ الكثير من مشاهدة، لكني لا أمل من تكرار مشاهدته. شاهدته بالأمس للمرة التي لا أذكرها، وكالعادة أبقى مشدودًا لكل شيء فيه، وكالعادة اكتشف جمالية جديدة غابت عني في المرة السابقة. فيلم العراب أنتج في العام 1972، وقصته تدور عن الصراع الذي دار بين عائلات وعصابات (المافيا) في نيويورك في الأربعينيات والخمسينيات، وهو فيلم يفوق في أبعاده حكاية الصراع الذي دار بين تلك العائلات الإجرامية، ويصل إلى النتيجة التي تقول بأن الجريمة مهما كانت مكاسبها المالية الظاهرة إلا أن خسائرها لا تعد ولا تحصى على كل الأصعدة دون استثناء. سيبقى فيلم العراب جوهرة سينمائية حتى بعد عشرات السنوات، ودليلًا قاطعًا على أن النجاح يكمن في الاهتمام بكل تفصيلة صغيرة.
كان يحفظ الموعد الذي سيسافر فيه بعد ستة أشهر، وعندما أكمل التواريخ التي سيسافر بها إلى عدة بلدان مرورًا بالرياض، وكان يحفظها بالوصول والمغادرة، غرقت مباشرة بفوضويتي. ولم أستطع فهم الكلمات التي كان يقولها بعد حالة الغرق، لأنني شردت في المقارنة بيني وبينه في تنظيم العمل. بالمناسبة لست ممن يصح أن يقال عنهم فوضويين، لا أبدًا، بل وفي السنوات الماضية زاد تنظيمي حتى أصبح محيطي يراني كشخص منظم، لكني لم أصل للمرحلة التي أعرف بها جدول أعمالي بعد شهرين أو أربعة أو ستة أشهر مثل صاحبنا. بالأمس التقيته في دبي، كنت موعدًا من ضمن مواعيده، وحرصت أن أدعوه إلى الغداء أو العشاء تاركًا له حرية الاختيار، فنظر إلى شاشة جواله وحدد لي وقتًا قال بأننا نستطيع فيه تناول الغداء على أن أعيده للفندق عند الثالثة. منذ أن ودعته عند باب الفندق وأنا أتذكر أحد أصدقائي الذي امتدح التزامي بدقة المواعيد وجدولة مهامي للأيام القادمة: ترى ماذا سيقول لو شاهد ضيفي الفرنسي وجدول أعماله الممتد لعدة أشهر بالأيام والساعات؟. مازلت أتذكر عندما سألني أحد الخواجات عن موعد سفري لكي ينسق لي موعدًا مع شخص آخر، فأجبته: لا أدري.. لم أحدده بعد. الآن فهمت تلك النظرة المستغربة ومعنى سؤاله: كيف لا تدري؟.
ـ لماذا أعيد مشاهدة فيلم العراب المرة تلو المرة؟ أعرف جميع أحداثة وأحفظ الكثير من مشاهدة، لكني لا أمل من تكرار مشاهدته. شاهدته بالأمس للمرة التي لا أذكرها، وكالعادة أبقى مشدودًا لكل شيء فيه، وكالعادة اكتشف جمالية جديدة غابت عني في المرة السابقة. فيلم العراب أنتج في العام 1972، وقصته تدور عن الصراع الذي دار بين عائلات وعصابات (المافيا) في نيويورك في الأربعينيات والخمسينيات، وهو فيلم يفوق في أبعاده حكاية الصراع الذي دار بين تلك العائلات الإجرامية، ويصل إلى النتيجة التي تقول بأن الجريمة مهما كانت مكاسبها المالية الظاهرة إلا أن خسائرها لا تعد ولا تحصى على كل الأصعدة دون استثناء. سيبقى فيلم العراب جوهرة سينمائية حتى بعد عشرات السنوات، ودليلًا قاطعًا على أن النجاح يكمن في الاهتمام بكل تفصيلة صغيرة.