الدولي المصري يروي قصة قبضة الخماسية ولباس الإحرام واستفزاز الاتحاديين
المهاجم الهلالي يعترف بعد 12 عاما: خدعت «الانضباط»
يطلق حكم المباراة صافرة البداية، ثم يبدأ العرض المسرحي.. مواجهات كرة القدم وطوال التاريخ، ليست مجرد خطة ولعبة وتكتيك، وصراع لا يتوقف لهثًا وراء هز الشباك.. هناك جوانب كثيرة في الـ 90 دقيقة وما يضاف إليها.. جوانب مظلمة، وجوانب مبكية، وجوانب مضحكة.. ضحك كالبكاء.. ومئات اللاعبين تعرضوا وعاشوا وتعايشوا مع مواقف خارجة عن المألوف، وتصنَّف في قائمة العجائب والغرائب.. هناك حكايات يصطدم بها اللاعبون مع الحكام أو المدربين أو المنافسين، وأحيانًا كثيرة تصل الإثارة إلى حد الاشتباك المباشر أو بالإشارات أو الكلمات والشتائم مع الجماهير في المدرَّجات.. لاعبون كثر اشتبكوا مع الجماهير بأيديهم، وبألسنتهم، وبأجسادهم.. الاشتباك مع المشجع طال لاعبين يملكون رصيدًا وافرًا من الحضور في عالم اللعبة المجنونة.
يأتي المهاجم المصري الدولي أحمد علي معزومًا من بين المعازيم في هذه الحفلة.. اعتزل في سبتمبر الماضي عن 37 عامًا.. وسجل تجربةً احترافيةً قصيرةً في الدوري السعودي مدافعًا عن القميص الهلالي الأزرق.. دوّن اسمه في سجلات المجد والذهب خلال الفترة القصيرة التي قضاها مع الزعيم بإسهاماته الفاعلة في تحقيق كأس ولي العهد عام 2011، حيث قصَّ شريط الأهداف الخمسة في النهائي أمام الوحدة، وصنع هدفًا آخر.. هذا اللاعب أثار كثيرًا من علامات الاستفهام، وكثيرًا من الأسئلة المعلقة في الهواء، وكثيرًا من التنبؤات والتعليقات والتكهنات بعد مواجهة الهلال والاتحاد في إياب نصف نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين، 19 يونيو 2011.
يستضيف الاتحاد منافسه اللدود الهلال في قمة مرتقبة لمطاردة لقب الكأس.. يرسل الظهير الأيسر عبد الله الزوري تمريرةً عرضيةً سريعةً داخل منطقة الجزاء، لم يستطع أحمد علي اللحاق بها، فتتعالى صيحات الجماهير الاتحادية تهكمًا بالمهاجم الهلالي.. يوجِّه مخرج المباراة الكاميرا مباشرةً صوب أحمد علي، الذي يرفع يده اليمنى للجماهير مشيرًا بأصابعه الخمسة.. ثم يتدارك نفسه، ويرفع يده مرةً أخرى باتجاه وجهه وكأنه ينظر لشيء تائه على كفه.. حركة سريعة وغريبة تم تداولها عبر المواقع الرياضية بين الجماهير ونشطاء هذه المنصات في حينها.. كانت المواقع تمثل بذرةً خاملة لاشتعال الـ “سوشال ميديا”.. ماذا يقصد أحمد علي بتلك الحركة؟ لماذا أشار للجماهير الاتحادية بالخمسة؟ هل كانت الحركة مقصودةً أم كان اللاعب يعاني من إصابة في يده؟ أم يريد من ورائها إيصال رسالة محددة؟.
ظلت أسئلة مثل هذه وغيرها تتداول كنار خامدة تحت الرماد، فيما إجاباتها تتمتع بإجازة مفتوحة.. وبعد ما يزيد عن 12 عامًا يكشف لـ «الرياضية» أحمد علي نفسه التفاصيل وما وراءها.. يقول المهاجم المصري المعتزل: ”كانت المباراة أمام الاتحاد في جدة، وكانت مشحونةً لأهمية وقوة التنافس بين الفريقين، وكانت الجماهير الاتحادية تحاول بقوة استفزازي، وإخراجي من أجواء اللقاء، وحينما تلقيت كرةً عرضية من زميلي عبد الله الزوري، ولم أستطع إدراكها، تعالت الصيحات وبطريقة صاخبة باتجاهي، وبالفعل أشرت إليهم بأصابعي الخمسة”.
ويضيف أحمد علي مستكملًا فصل رفع النقاب عن الحادثة: “كنت أقصد من وراء الأصابع الخمسة الرد على استفزازهم باستفزاز مماثل، أعني به نتيجة الفوز الهلالي على الاتحاد الموسم الماضي بخماسية نظيفة وشهيرة في ملعب الملز، وصحيحٌ أنني لم أشارك في تلك المباراة المثيرة، لكنني عرفت نتيجتها وأحداثها من زملائي اللاعبين، ووجدتها فرصةً مواتية لإغاظتهم، وردًّا مشروعًا على هجومهم ضدي، أما حينما رفعت يدي في وجهي، فكنت أهدف إلى تجنب أي عقوبة انضباطية قد تفرض علي، وفضلت إيهام لجنة الانضباط بأني أشكو من آلام في يدي”.
ويكمل أحمد علي ما حدث بعد المباراة: ”تعادلنا بهدف لمثله، ومن غرفة الملابس ارتديت لباس الإحرام لأداء العمرة، ففوجئت بجماهير اتحادية إلى جوار الملعب، وللأمانة حينما شاهدوني مرتديًا لباس الاحترام تجاوزوا ما حدث في الملعب، ولم أسمع منهم أي كلمة غير مقبولة”.
وعن تجربته الهلالية يقول المهاجم المصري الدولي: ”تمثيل الهلال كان إحدى أهم خطواتي الكروية، فصحيحٌ أنني لم أمكث بين صفوفه طويلًا، لكنها تجربة ثرية ومفيدة للغاية بالنسبة لي، وبعد خروجي من الهلال فاوضتني أندية سعودية عدة، من بينها الشباب والاتفاق والرائد، لكن الفراغ الإداري الذي كان يعانيه النادي الأصلي الذي أنتمي إليه الإسماعيلي المصري أوقف مشروع استمراري في الدوري السعودي، وهناك مَن يصف تجربتي مع الهلال بغير الناجحة، وهذا كلام لا يتطابق مع الواقع، لأنني لم ألعب فترةً طويلة، وحضرت والمهاجم ياسر القحطاني في أوج عطائه، ما أضعف فرصتي في القائمة الأساسية كثيرًا، ومع ذلك شاركت في كثير من اللقاءات، وأحرزت أهدافًا حاسمة”.
عبر أحمد علي في تاريخ الهلال كغيره من العابرين.. غادر وفي رصيده بطولة وحيدة يتيمة بين خزائن الذهب الأزرق الممتلئة بكل أنواع المجد.. غادر ببطولة، وحادثة لن تمحى من ذاكرة جمهور يتوقف عند التفاصيل الصغيرة، كما يتوقف عند البطولة الواحدة، والبطولات الكثيرة.