400 من أجل ميسي
الفصل الخامس من حلم فتى روزاريو، الجندي رقم 400 في حماية بطل القصة، مارتينيز، ليس الحارس وإنما المهاجم، يرسل كرته إلى شباك هولندا، وهو يهمس في داخله (من أجل ميسي.. أعبري)، عبرت وفرح ليونيل، ولسعادته فرحت الأرجنتين كلها، هكذا تسير الأمور منذ 2006، وحتى يومنا هذا، الجميع يريد كأس العالم، ليست لأنها ستكون الثالثة، ببساطة (من أجل ميسي)!.
تقارير إحصائية أشارت إلى أن ليونيل ميسي لعب مع منتخب بلاده إلى جانب 400 لاعب أو ما يزيد منذ عام 2005، آخر من ترك بصمته، هو لاوتارو مارتينيز الذي بدد غضب مواطنيه، وكل من يحب ليو في العالم بعد فرص سهلة أهدرها أمام أستراليا في ثمن نهائي مونديال 2022، أخمد لاوتارو نيران غضبهم بمشاركته الفاعلة هذه المرة خلال دور الثمانية في إنقاذ الحلم العنيد المستعصي لمحبوبهم منذ 16 عامًا، إذ ترجم آخر ترجيحية إلى هدف، ومعها صرخات عشاق زلزلت ملعب لوسيل.
مارتينيز آخر أيضًا كان أحد الجنود الـ400 في تاريخ القصة، تصدى لركلتين هولنديتين، ليعيد ذكريات ما فعله في كوبا أمريكا 2021 بوقوفه حائلاً بين لاعبي كولومبيا وشباكه، وبذلك فرش السجاد على طريق منتخبه الذي يقوده ميسي لتحقيق الذهب القاري هناك في ريو دي جانيرو حيث الجار اللدود، لتتكرر تفاصيل اللوحة في الدوحة، فالبرازيل تعاني خيباتها الكروية، والأرجنتين تمضي قدما، ومارتينيز يحمل ميسي على كتفيه مجددًا، كل ما تبقى فقط، خطوة قصيرة ناجحة، وأخرى مثلها، عندها سيرفع صاحب الرقم 10 الكأس، وينتهي كل شيء.
قبل أن يمضي قدمًا نحو حلمه، خرج «أبو تياجو» أحد أبناءه الأربعة عن المألوف، مشاهد غير معتادة عن الأرجنتيني، حيث يصرخ في وجه الحكم، يسعى لإغاظة فان جال مدرب الطواحين في فرحته، وعلى الهواء مباشرة يقول لمهاجم هولندا:« ماذا تريد؟ اغرب عن وجهي الآن».
هل تصدق أن يحدث ذلك من ميسي، في ساعة واحدة؟ لقد حدث بالفعل مالم يظهر في 16 عامًا، وربما أن الوجه الآخر من «ليو» يكون هو الدافع إلى ذهب كأس العالم، والحافز للزملاء الـ25، ورسالة إلى زملاء الأمس مكملين الـ400، في مونديال الغرائب، قد يرفعها ميسي، ويعيدها إلى بوينس آيرس.
ميسي الذي لعب 24 مباراة في كأس العالم، يقول أنه يضع تركيزه الكامل على حلم كل أرجنتيني.. وليس حلمه، يربط الكثير ما يجري مع البرغوث بالذي واجهه مارادونا في مونديال المكسيك عام 1986، حيث بلل الرفاق قمصانهم أضعافاً لأجل بلادهم، ومارادونا.
فالدانو، براون، بورتشاجا، هم الأبطال الذي سجلوا في نهائي كأس العالم 1986، عندها تلقى مارادونا بطاقة صفراء، ولا شيء آخر، إذ فعل كل ما يمكنه قبل النهائي، جندل دفاعات إنجلترا، وخدع التونسي علي بن ناصر الحكم الذي طاردته لقطة دييجو وهو يرسلها للشباك بيده.
الكثير من التفاصيل تتشابه بين ميسي ومارادونا في ميكسيكوسيتي والدوحة، الجميع يركض خوفا على وداع الليو دون تتويج أشبه بحبة الكرز على رحلته التاريخية، فالأرجنتين ولادة للنجوم، وفرصتها قادمة لنيل الذهب، ولكن من أين لهم ميسي آخر، فإما الفوز.. أو الفوز.. لا مزيد من الخيارات.