مانشيني ينعش الطليان.. بعد غيبوبة 2018
نجح المدرّب روبرتو مانشيني في تحويل عبء الغياب الكارثي لإيطاليا عن مونديال روسيا 2018 في كرة القدم، إلى نجاح كبير عندما قادها الأحد إلى لقب كأس أوروبا على حساب إنجلترا بركلات الترجيح في ملعب ويمبلي.
في 13 نوفمبر 2017، تعرّض المنتخب الإيطالي، لنكسة تاريخية بتعادله مع نظيره السويدي بدون أهداف في ملحق التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2018، وأقصي عن المشاركة في المونديال.
منتخب إيطاليا الذي عاش بعدها فترة وجيزة من الضياع، وتنبأ له الكثيرون أن كبوته ستطول وأن العودة لن تكون قريبة، لاسيما وأن ما من بشائر كانت تلوح في الأفق عن وجود جيل جديد يعوّض ذلك الذي فاز بلقب كأس العالم 2006، نهض وتأهل إلى كأس أوروبا.
استيقظت إيطاليا على وقع غيابها عن كأس العالم للمرة الأولى منذ 1958، تاركة وراءها أربعة ألقاب عالمية، وأجيالا من اللاعبين الذين أبهروا ملايين عشاق كرة القدم.
أعاد المدرب مانشيني تشكيل المنتخب بسرعة بعد الغياب الكارثي عن البطولة العالمية، ولم يخسر معه في آخر 34 مباراة منذ سبتمبر 2018، محطمًا الرقم القياسي الإيطالي مع 30 مباراة لفيتوريو بوتسو بين 1935 و1939، كما فاز في أول ثلاث مباريات ضمن تصفيات مونديال 2022.
قال مانشيني قبل البطولة "كانت فكرتي الأساس أن نحقق النجاح في مونديال 2022، لكن يمكننا القيام بذلك في أوروبا 2020".
عامان فقط كانا كفيلين بنقلة نوعية بين عهد المدرب السابق جان بييرو فنتورا والحالي مانشيني. لكن الفرق شاسعٌ جداً بين أسلوبين وفكرين وطريقتي لعب مختلفتين.. بين كرة قدم من زمن غابر اعتمدها الأول وأسلوب حديث اعتمد فيه على العناصر الشابة.
ما فعله مانشيني منذ استلامه لمهامه في 14 مايو 2018، يعتبر أكثر من إنجاز، بعدما حوّله من منتخب اعتبره الكثيرون يحتضر، لمنتخب مليء بالحياة والإصرار والـ"غرينتا" التي لطالما كانت سمة للأتزوري.
جاء مانشيني (56 عامًا) بفكر جديد، أراد من خلاله بناء منتخب لمستقبل وليس لبطولة، باعتماده على تشكيلة شابة، على غرار فيديريكو كييزا ونيكولو باريلا، كما استقطب لاعبي الخبرة مثل القائد ليوناردو بونوتشي وجورجو كييليني.
قال مدافع يوفنتوس كييليني قبل النهائيات الحالية "كان يبدو لي منغلقًا، لكن الطريقة التي دخل فيها إلى قلوب الجميع في وقت سريع أذهلتني".
أضاف كييليني هذا الأسبوع "في البداية، عندما طلب منا التفكير بإحراز كأس أوروبا اعتقدنا بأنه مجنون. لكن هذا الحلم زرعه في أرواحنا، حتى أصبح حقيقة".
ونجح مانشيني في بث روح التغيير في مسيرة منتخب أقصي من الدور الأول لكأس العالم في نسختي 2010 و2014، وفشل بالتأهل إلى 2018.
قال مانشيني لقناة "راي 1" بعد إحراز لقب البطولة القارية الثانية بعد 1968 "لا أعرف ماذا أقول، هؤلاء الشبان كانوا رائعين. كنا شجعانًا، شجعانًا جدًا. لقد تلقينا الهدف سريعًا ما صعّب الأمور علينا. ولكن بعد ذلك سيطرنا على المواجهة. لاعبو فريقي كانوا رائعين. هذا إنجاز مهم لكل شعبنا ومشجعينا. آمل أن يحتفلوا".
- "التحدّي الأصعب"؟ - تعهّد مانشيني خلال تقديمه في مركز التمارين الخاص بالاتحاد الإيطالي في كوفيرتشانو قرب فلورنسا، بأن يستعيد كبرياء المنتخب، معتبرًا أن "عدم الذهاب إلى كأس العالم صعب للذين لطالما شجّعوا المنتخب الوطني، مثلي أنا"، مضيفًا "أشعر بحاجة الى تقديم شيء ما للمنتخب الوطني وأعتقد أنه الوقت المناسب بالنسبة لي".
أضاف "أريد بناء شيء ما للأعوام المقبلة، وإعادة إيطاليا للقمة"، مشددًا على انه يريد "أن أكون الشخص الذي ينجح في عملية إعادة بناء حقيقية".
وبالتعاقد مع مانشيني، حصلت إيطاليا على مدرب يعرف طعم النجاح إذ توج خلال مسيرته التدريبية بـ13 لقبًا، أبرزها عام 2012 حين أهدى مانشستر سيتي لقبه الأول في الدوري الإنجليزي الممتاز منذ 44 عامًا، إضافة الى ألقاب الدوري الثلاثة بين 2006 و2008 مع إنتر الذي أحرز معه ايضًا لقب الكأس، على غرار فيورنتينا ولاتسيو.
ومنذ أن ترك إنجلترا عام 2013، أشرف مانشيني على غلطة سراي التركي وقاده الى لقب الكأس، قبل العودة مجددًا إلى إنتر ثم انتقل إلى الدوري الروسي بالتوقيع مع زينيت.
إلا انه يخوض مهمته الأولى كمدرب لمنتخب و"لا أدري إذا كان (تدريب إيطاليا) التحدّي الأصعب بالنسبة لي، إذا دربت ناديًا ولم تفز باللقب، فالجميع سيكون غاضبًا منك، لكن هنا، هناك 50 مليون شخص"، في إشارة إلى عدد سكان إيطاليا.
ونجح مانشيني في أن تكون تجربته كمدرب للمنتخب الوطني أفضل من تلك التي اختبرها معه كلاعب، إذ اكتفى بتسجيل أربعة أهداف فقط في 36 مباراة خاضها على امتداد 10 أعوام (1984-1994)، ووصل مع "أتزوري" الى نصف نهائي كأس أوروبا 1988 وكان ضمن التشكيلة التي حلت ثالثة في مونديال إيطاليا 1990.