إيجالو.. نيجيري قهر ليفربول.. وآزر الفقراء
شخصيته هادئة يغلب عليها الخجل، لكن بداخله وحش كاسر لا يقبل أنصاف الحلول، إذ يناهز طوله مترين مع جسد قوي، يساعده على الاحتفاظ بالكرة لمدة أطول، بارعٌ في خطف الكرات من المدافعين، وهز الشباك بالقدمين والرأس دون أي فلسفة، وحينما يكون في يومه ينطبق عليه المثل الإنجليزي القائل: «إذا هبّت الريح وجب على الحشائش أن تنحني».
ولد القناص أوديون إيجالو، في 16 أغسطس 1989، بولاية لاجوس النيجيرية، تحديداً حارة أجيجونل ذات السمعة السيئة، والتي لا ينصح بزيارتها المرشدين السياحيين كونها تعجّ بالأشخاص الخطرين الذين يتجولون بين المجاري المفتوحة والمباني المتهالكة، هناك يسكن قرابة المليون نسمة يعيشون على موارد الغاز والبترول والفحم والخشب والماء، فيما تفتخر العاصمة الاقتصادية بأنها أنجبت نجوما رائعين، أولهم لاعب برشلونة السابق إيمانويل أومونيكي، وزميله في الجيل الذهبي تاريبو ويست، وآخرهم الموسيقار دادي شوكي.
ذاقت عائلته مرارة الضنك، باعتباره فردٌ من أسرة عاشت تحت خط الفقر بسنوات ضوئية. كانت الوالدة المكافحة مارتينا تعول الجميع ببيع المشروبات الباردة والوجبات الخفيفة، وأحيانا تحمل أكياس المياه النقية وتجوب بها بين الأحياء المتوسطة، كي توفر النقود في سبيل إطعام 6 أبناء وبنات. وإذا توفرت الفرصة فإنها لا تتوانى عن شراء الأحذية والملابس الرياضة لابنها إيجالو الذي كان والده بول عاطلا عن العمل، وحجر عثرة أمام الأم والابن، بسبب إصراره على دفع المال ليذهب الصغير إلى المدرسة بدلاً عن النادي.
يروي إيجالو طفولته لصحيفة «الجارديان» البريطانية قائلاً:« وُلدت في أحد الأحياء الفقيرة، وكان من الصعب العيش في أجيجونل، حيث كنا نعاني لإيجاد الطعام، ولهذا السبب أشكر الله. صحيح لم يكن لدى والداي دائما ما نريده أو نحتاجه، لكن كنا نكافح في الحياة».
ويضيف متحدثاً عن دور والدته:« وقفت بجانبي وقامت بحمايتي من والدي الذي كان يضربني لكي أذهب إلى المدرسة، مصدر خوف الوالد من الأعيرة النارية التي تطلقها الشرطة على تجار المخدرات، في محيط ملعب أكاديمية الحي».
في عمر التسع سنوات، بدأ إيجالو يرد ديونه لوالدته من خلال جمع الأموال بسرعة، مستغلاً موهبته في دوري الهواة بمجمع «ماراكانا» في لاجوس، آنذاك حاول التخلص من براثن الفقر بوضع قدميه على أول طريق الاحتراف، ملتحقاً بفرقة شباب جولويس بيرجر، بينما في صيف 2007 التقطه الكشاف الأرجنتيني مارسيلو هاوسمان بعد أن شاهده عدة مباريات، لاحقاً انتقل إلى لين النرويجي الذي كان بوابته لتأمين حياة كريمة، وتعزيز رفاهيته باللعب بعدها مع أودينيزي الإيطالي وغرناطة الإسباني.
تبقى مباراة العمر بالنسبة لصاحب الـ31 عاما، عندما سجل هدفين مع واتفورد بمرمى ليفربول، في مستهل مشوار المدرب الألماني كلوب أواخر 2015، ذلك الشهر ختمه بالحصول على جائزة أفضل لاعب في البريميرليج، أعقبها صيف 2016 بانتزاع برونزية الألومبياد مع النسور النيجيرية.
وبعد أن هبط فريقه الصيني تشانجتشون، رفض الذهاب إلى برشلونة الإسباني شتاء 2019، مفضّلا الانتقال إلى شانجهاي بحجة رغبته بتسجيل الأهداف في كل عطلة أسبوعية، بدلاً من الجلوس على مقاعد «الكامب نو» مشاهداً أمامه سواريز مستمتعاً بتمريرات ميسي.
وافق إيجالو مطلع 2020 على العودة إلى إنجلترا من بوابة العريق مانشستر يونايتد، وبراتب يقل عن نصف أجره في جمهورية الصين، فيما اعتبره بمثابة الحلم الذي تقاسمه مع شقيقته الكبرى ماري التي رحلت ديسمبر 2019، حيث خلّدها بكتابة اسمها في حذائه الرياضي، وبعد أن غادر ملعب «أولد ترافورد»، مسجلاً 6 أهداف في 23 مباراة، اعترف قائلاً عبر إنستجرام: «من الصعب رؤية نهاية هذا الحلم، لكنني أمنح الله المجد لمساعدتي في تحقيق حلمي، لقد كان حقاً شرفاً سأعتز به إلى الأبد وأكون ممتنا له».
يدين القناص النيجيري لحبيبة طفولته سونيا التي تزوجها قبل 12 عاماً، حيث اعتادت على الدعاء له قبل كافة مبارياته، وبفضل ثروته التي تجاوزت 60 مليون دولاراً بنى قصراً ضخماً في لاجوس، حيث ينوي بعد اعتزاله الاهتمام بأطفاله الثلاثة، وتأدية العمل الخيري بمساعدة الأرامل والأيتام، ومشاهدة صديقه بطل الملاكمة أنتوني جوشوا، وبعد أن وصل إيجالو إلى السعودية لقيادة فريق الشباب، هل يفرش الأرجنتيني بانيجا طريقه بالورود نحو المرمى، كما كان يفعل زميله السابق البرتغالي برونو فيرنانديز؟.