100 عام من العداوة الكروية بين البرازيل والأرجنتين
حملت المواجهات المباشرة بين قطبي كرة القدم في القارة الأمريكية الجنوبية الكثير من الذكريات، التي تجسِّد حجم العداوة الكروية الكبيرة بينهما، فلطالما خرجت القمة البرازيلية الأرجنتينية عن الإطار الكروي المعتاد لتشكِّل مواجهة من نوع آخر، تدخل فيها حسابات كثيرة حتى لو اندرجت تحت عنوان المواجهة الودية. وتلخِّص “الرياضية” في التقرير التالي هذه العداوة التي بدأت في ثلاثينيات القرن الماضي، ووصلت إلى أوجها خلال المواجهات المونديالية بين السيليساو والألبيسيلستي في السبيعينيات والثمانينيات، ولم تخلُ على مدار تاريخها من الإصابات البالغة، والبطاقات الحمراء، والعنف الجماهيري، والرغبة في الثأر.
1937: مباراة العار
جرت المباراة النهائية لبطولة كوبا أمريكا عام 1937 على ملعب جازوميترو في بوينس آيرس، العاصمة الأرجنتينية، الذي شهد الكثير من المشادات بين أصحاب الأرض وزوارهم البرازيليين، إضافة إلى التدخل الجماهيري، الذي هدف إلى استفزاز الضيوف. وانتهت المباراة في وقتها الأصلي بالتعادل السلبي، قبل أن يسجل فيسنتي ديلاماتا هدفين للمنتخب الأرجنتيني في الشوطين الإضافيين وسط احتجاجاتٍ من لاعبي البرازيل على صحة أحدهما. ولم تنتهِ المباراة بصافرة الحكم، حيث غادر البرازيليون الملعب بعد تزايد الاحتجاجات ضدهم، وخوفهم على سلامتهم، قبل أن يطلق الإعلام البرازيلي عبارة "مباراة العار" على تلك المواجهة.
1939: الثأر بالقوة
شهدت مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية مواجهتين متتاليتين بين الغريمين عام 1939، وذلك على لقب مسابقة قديمة حملت اسم كأس روكا، وانتهت المباراة الأولى بفوز أرجنتيني عريض بنتيجة 5-1، ليبحث البرازيليون عن الثأر في المواجهة الثانية بعد أسبوع. وكانت النتيجة تشير إلى التعادل بهدفين لمثلهما عندما احتسب الحكم ركلة جزاء مشكوك في صحتها لأصحاب الأرض قبل نهاية المباراة، ليتوجه أركاديو لوبيز، اللاعب الأرجنتيني، بكلمات نابية تجاه الحكم، الأمر الذي أدى إلى طرده من الملعب بمرافقة عناصر الشرطة. وانسحب المنتخب الأرجنتيني من المواجهة بعد تلك الحادثة، كما تشير مصادر عدة إلى أن المنتخب البرازيلي نفذ ركلة الجزاء دون وجود حارس مرمى ليفوز بنتيجة 3ـ2.
1946: إصابات بالغة
ارتكب جايير بينتو، اللاعب البرازيلي، خطأً قاسيًا ضد خوسيه سالومون، قائد المنتخب الأرجنتيني، في المباراة النهائية لبطولة كوبا أمريكا عام 1946، وتسبَّب في كسر عظمتين في ساق خصمه خلال المواجهة التي شهدت سلسلة من المشادات بين اللاعبين وعناصر الشرطة، إضافة إلى اقتحام المشجعين أرضية الملعب، الأمر الذي أدى إلى إيقاف المباراة لدقائق، قبل أن يفوز منتخب التانجو بنتيجة 2ـ0 بعد استئنافها. وانتهت مسيرة سالومون بعدها لعدم تعافيه من الإصابات البالغة التي لحقت به، علمًا أن المباراة جاءت بعد عام واحد من مواجهة صاخبة أخرى، تعرَّض فيها الأرجنتيني باتالييرو إلى كسر في قدمه إثر خطأ قاسٍ من البرازيلي أديمير مينيزيس.
1978: معركة روزاريو
لم يتعرض المنتخب البرازيلي إلى أي هزيمة في مباريات دورَي المجموعات، الأول والثاني، من نهائيات كأس العالم عام 1978 على الأراضي الأرجنتينية، لكنه لم ينجح في الوصول إلى المباراة النهائية بعد أحداث، أثارت الكثير من الجدل. ففي دور المجموعات الثاني، حقق المنتخب البرازيلي الفوز بنتيجة 3ـ0 على بيرو في الجولة الأولى، مقابل الفوز بنتيجة 2ـ0 للأرجنتين على بولندا، قبل أن يتعادل الغريمان سلبًا في الجولة الثانية. وفازت البرازيل على بولندا بنتيجة 3ـ1 في الجولة الثالثة، في مباراة جرت قبل ساعات من المواجهة الثالثة للأرجنتين أمام بيرو في الجولة نفسها. وكان المنتخب الأرجنتيني مطالبًا بالفوز بفارق أربعة أهداف ليضمن التأهل إلى النهائي، ونجح حقًّا في اكتساح خصمه بسداسية نظيفة في مباراة، قدم فيها منتخب بيرو أداءً سيئًا، عدَّه الكثيرون تساهلًا مع أصحاب الأرض.
1982: طرد مارادونا
تواجه المنتخبان البرازيلي والأرجنتيني مرة أخرى في نهائيات المونديال، وهذه المرة في نسخة إسبانيا عام 1982، وكان منتخب التانجو بحاجة إلى الفوز على غريمه في مباراته الأخيرة في دور المجموعات الثاني بعد سقوطه أمام إيطاليا في الجولة الأولى، لكنَّ المنتخب البرازيلي تسيَّد المباراة بشكل كامل ليطيح بالأرجنتين عن عرشها المونديالي. وتقدم السيليساو بثلاثية نظيفة، قبل أن يسجل رامون دياز الهدف الأرجنتيني الوحيد في الدقيقة الأخيرة، علمًا أن المنتخب البرازيلي كان قادرًا على تسجيل المزيد من الأهداف لولا إهدار مهاجمه سيرجينيو العديد من الفرص المحققة. وتعرض دييجو مارادونا إلى بطاقة حمراء مباشرة في الدقيقة 85 بعد اعتدائه ركلًا على باتيستا، لاعب الوسط البرازيلي، في حادثة جاءت بعد سلسلة اعتراضات من النجم الأرجنتيني الأسطوري على القرارات التحكيمية.
1991: ليلة حمراء
حقق المنتخب الأرجنتيني فوزًا مهمًّا بنتيجة 3ـ2 على نظيره البرازيلي في الجولة الأولى من المجموعة النهائية والحاسمة لبطولة كوبا أمريكا عام 1991، وكان هذا الفوز مفتاحًا لفوز الأرجنتين باللقب. وشهدت المباراة خمس حالات طرد، بدأت في الدقيقة 31 عندما رفع الحكم البطاقة الحمراء في وجه الأرجنتيني كانيجيا، والبرازيلي مازينيو بعد عراك بينهما، ثم بطاقتين في وجه الأرجنتيني كارلوس إنريكيه، والبرازيلي مارسيو سانتوس بعد عراك آخر في الدقيقة 61، ليطرد بعدها البرازيلي كاريكا في الدقيقة 80 بعد دقيقتين على نزوله إلى أرضية الملعب بديلاً.
2005: الاكتساح
سجلت المواجهات المباشرة بين البرازيل والأرجنتين نتائج عريضة، كان أغلبها في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، لكنَّ المباريات النهائية والحاسمة بينهما لم تخلُ من مثل هذه النتائج، فقد حقق المنتخب البرازيلي لقب كأس القارت عام 2005 بعدما اكتسح غريمه التقليدي بنتيجة 4ـ1 في فرانكفورت، علمًا أنه كان متقدمًا برباعية نظيفة مع حلول الدقيقة 63، قبل أن يكرر الفوز بالفارق نفسه في نهائي بطولة كوبا أمريكا عام 2007 عندما تغلَّب على المنتخب الأرجنتيني بثلاثية نظيفة، بحضور ليونيل ميسي الذي كان حينها في الـ 20 من العمر.