أحلام الأوروجواي على عاتق ثنائي "سالتو" سواريز وكافاني
إذا كان لمنتخب الأوروجواي لكرة القدم، أن يحلم بالسطوع في بطولة كأس العالم 2018 في روسيا، سيكون هذا بشكل كبير، لأن الفريق يمتلك هذا الثنائي الهجومي الخطير، المكون من لويس سواريز نجم برشلونة الإسباني وإدينسون كافاني نجم باريس سان جيرمان الفرنسي، ويحظى منتخب أوروجواي، الفائز بلقب كأس العالم في نسختي 1930 و1950، حاليًا، بأفضل خط هجوم في تاريخه، حيث يتصدر سواريز قائمة هدافي الفريق على مدار التاريخ برصيد 50 هدفًا في 97 مباراة مقابل 42 هدفًا لكافاني في 100 مباراة، ويختلف أداء كل من اللاعبين تمامًا عن الآخر داخل الملعب، لكنهما يشتركان في العديد من الأشياء وليس في قيادة هجوم الفريق فحسب.
وولد سواريز في 24 يناير 1987، قبل 21 يومًا فقط من ميلاد كافاني، كما ولد اللاعبان لعائلتين فقيرتين بمدينة سالتو، ومثل باقي لاعبي كرة القدم في الأوروجواي، ممن ينشأون في بيئة فقيرة، عانى اللاعبان في بداية حياتهما الكروية حتى دخلا عالم الاحتراف، وأصبحا من أبرز نجوم العالم، وهو المصير الذي وصل إليه قليلون فقط، ومع بلوغهما الحادية والثلاثين من عمرهما، سيكون كل منهما في أبرز فترات مسيرته الكروية، عندما يقودان منتخب أوروجواي في بطولة كأس العالم 2018 في روسيا.
يقول سواريز في مقابلة مع إذاعة أوروجواي قبل أشهر قليلة : "أريد أن تصبح هذه النسخة من كأس العالم بطولتي"، حيث يتطلع سواريز إلى تصحيح الوضع، وتعويض الفريق عما حدث في النسخة الماضية التي استضافتها البرازيل في 2014، عندما استبعد اللاعب من البطولة بسبب "عض" جورجيو كيليني نجم دفاع منتخب إيطاليا خلال مباراة الفريقين في دور المجموعات، ليغيب عن مباراة فريقه أمام منتخب كولومبيا في دور الستة عشر، ويودع الفريق البطولة صفر اليدين.
ولم تقتصر العقوبة على إيقافه تسع مباريات دولية مع منتخب بلاده، بل أرجأت العقوبة بداية مشاركاته مع برشلونة الإسباني، حيث اشتملت على الإيقاف أربعة أشهر، لتؤجل بهذا مشاركاته مع برشلونة الذي ضم اللاعب الخطير من ليفربول الإنجليزي.، كما عانا سواريز من إصابة في الركبة قبل شهر واحد على بدء فعاليات المونديال البرازيلي، ولكن إصراره ورغبته في المشاركة البطولة ساعداه على التعافي بشكر رائع وسريع، وفي أول مباراة له بالبطولة بعد تعافيه من الإصابة، كان ما يزال يعاني من آلام الإصابة، ولكنه سجل هدفين في مرمى المنتخب الإنجليزي، ليعزز معنويات منتخب أوروجواي بعد هزيمته في المباراة الأولى في البطولة أمام كوستاريكا، ولكن هذا الشعور الإيجابي داخل الفريق تلاشى بعد واقعة "العض"، ليبدأ التساؤل عن قدرة الفريق على مواصلة الانطلاق في البطولة، لاسيما مع غياب سواريز عن صفوف الفريق.
وكان سواريز بدأ بناء مكانته وشهرته كبطل قومي في أوروجواي خلال بطولة كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، وذلك من خلال أهدافه وأيضا عبر واقعة أخرى مثيرة للجدل، حيث أبعد الكرة بيده من على خط مرمى الفريق في نهاية الوقت الإضافي خلال مباراته أمام منتخب غانا في دور الثمانية للبطولة، لينقذ فريقه من هدف مؤكد، كان من شأنه تأهل الفريق الغاني إلى المربع الذهبي، ورغم طرد سواريز بسبب لمسة اليد، تأهل منتخب أوروجواي إلى المربع الذهبي للبطولة من خلال الإطاحة بنظيره الغاني عبر ركلات الترجيح، والحقيقة أن سواريز يلعب كحارس مرمى خلال المباريات التدريبية، في مران منتخب أوروجواي، والذي يشهد تغيير العديد من اللاعبين لمراكزهم الأصلية.
ونشأ سواريز في قطاع الناشئين والشباب بنادي ناسيونال في مونتفيديو عاصمة أوروجواي، ثم خاض بداية صعبة في الفريق الأول للنادي، قبل توجهه للاحتراف الأوروبي من بوابة جرونينجن الهولندي ثم انتقل إلى أياكس الهولندي، وبعدها انتقل إلى ليفربول ، ومنه إلى برشلونة، حيث فاز مع الفريق الإسباني بكل الألقاب الممكنة، وكل الجوائز الشخصية الكبيرة باستثناء جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، وكانت من أبرز الجوائز التي حصدها جائزة الحذاء الذهبي عام 2016 لأفضل هداف في أوروبا.
هذا ويبرز كافاني كنجم آخر لهذا الجيل في منتخب أوروجواي، حيث ساهم في استعادة بريق الفريق من خلال لقب كأس أمم أمريكا الجنوبية كوبا أمريكا عام 2011، والمركز الرابع في مونديال 2010، ومع غياب سواريز مراراً عن صفوف الفريق بسبب الإصابات أو الإيقافات، كان كافاني هو المكلف بقيادة هجوم الفريق في العديد من البطولات الكبيرة، وتصدر قائمة هدافي تصفيات قارة أمريكا الجنوبية المؤهلة للمونديال الروسي برصيد عشرة أهداف.
وبدأ كافاني مسيرته الكروية في فريق دانوبيو بأوروجواي، ولكنه سرعان ما انتقل للاحتراف في أوروبا، حيث فرض نفسه كمهاجم متميز في باليرمو الإيطالي، وعزز هذه المكانة، وأصبح مهاجما من طراز عالمي خلال مسيرته مع نابولي الإيطالي، لينال إعجاب وحب جماهير نابولي بشكل لم يحدث من قبل، إلا مع الأسطورة الأرجنتيني دييجو مارادونا، وعدد قليل من النجوم، ولكنه عانى كثيرا لتحقيق هذه الشهرة، وكانت مكافأة كافاني على هذه الشهرة هي انتقاله لنادي باريس سان جيرمان الفرنسي، ليصبح أحد أبرز نجوم الفريق على مدار خمسة مواسم، كما أصبح الهداف التاريخي للفريق متفوقا بفارق عدة أهداف على السويدي زلاتان إبراهيموفيتش المهاجم السابق للفريق.
ويتسم كل من سواريز وكافاني بالروح المعنوية والقتالية العالية، التي تمثل علامة مميزة لمنتخب أوروجواي ولكنهما يختلفان في أسلوب اللعب حيث يكمل كل منهما الآخر، ويتميز سواريز بأنه مهاجم نشيط دؤوب الحركة، كما يتمتع بتسديدات دقيقة وقدرة على التحكم في الكرة والمراوغة ليحرم منافسيه من استخلاص الكرة، فيما يتميز كافاني بمرونة أكبر ومهارة ومكر أكبر في اللعب، ولكنه يشارك بدرجة أقل في الأداء الجماعي للفريق.
ورغم وجود مهاجمين متميزين أيضًا في منتخبات مثل الأرجنتين وفرنسا، يمنح سواريز وكافاني منتخب أوروجواي مستو مماثل من الاحترام والتقدير لدى مدافعي الفرق المنافسة، كما يمنحان الفريق القدرة على الحلم بتحقيق انتصارات هائلة في المونديال الروسي.