إريكسن وعبدالفتاح.. صانعا الفرحة بين أنصار توتنهام والأهلي
كان صيادو بلدة ميدلفارت الدنماركية ينتظرون فصل الشتاء عند مضيق الحزام الصغير، لاصطياد أحد الحيتان العابرة باتجاه بحر البلطيق أو خليج كاتيجات، وحين ينجح أحدهم يأخذ القوم شحم الحوت كي يساعدهم في إشعال الأضواء والنيران، بينما انتهت تلك العادة أواخر القرن الـ19 ميلادي.
ظلام حالك عاشه سكان ميدلفارت حتى الـ14 من فبراير 1992، حينما أنجبت دورتي وزوجها توماس طفلاً أطلقا عليه اسما مسيحيا يدعى كريستيان بمناسبة عيد الحب، وبعد مرور 3 أعوام ركل ابنهما الكرة وقررا الأبوين دخوله نادي البلدة المحلي الذي باعه لاحقا لفريق أودينسي بولدكلوب عام 2005..
في إحدى مباريات دوري الشباب الدنماركي، لفت إريكسن أنظار كشافي برشلونة وميلان وتشيلسي، ولكن والده رفض رحيل ابنه إلى بريطانيا بسبب تعليق ساخر من أحد مسؤولي أزرق لندن خلال المفاوضات، إذ وصف المسؤول الإنجليزي آنذاك جسد إريكسن بالضعيف والهش جدا.
انضم بعدها إريكسن إلى أياكس الهولندي عام 2008، مؤكداً أن الخطوة الصغيرة أكثر أماناً من الخطوة الكبيرة، فيما نجح في صناعة الأهداف لزميليه المصري ميدو والأورجوياني سواريز، وحقق هناك ثلاثة بطولات، ما دفع رئيس توتنهام دانييل ليفي لزيارة مدينة أمستردام صيف 2013 والتعاقد مع الفتى القصير مقابل 12 مليون جنيه إسترليني.
لا يجد إريكسن صعوبة في ضرب دفاعات الخصوم بتمريرة واحدة ساحرة، ويصف المشجعون اللندنيون طريقته في اللعب أشبه بمن يعزف على النَايْ والكَمانْ، فيما يقول عنه آجي هاريدي مدرب المنتخب الدنماركي: "لماذا لا يتعاقد معه برشلونة، إذ أن مستواه أفضل من مودريتش حينما انتقل من توتنهام إلى ريال مدريد".
تشبه طريقة لعب إريكسن، عبدالفتاح عسيري صانع ألعاب الأهلي السعودي، الذي يمتاز بالسرعة والمهارة واللعب في العمق والأطراف والتصويبات القاتلة، ورغم أن المدرب الأوكراني سيرجي ريبيروف لا يعتمد عليه كثيرا، إلا أن صاحب الـ24 عاماً نجح بصناعة 6 أهداف حاسمة خلال 700 دقيقة لعب.
ولد عبدالفتاح أواخر فبراير عام 1994، في مدينة صبيا جنوب السعودية، والتي تشتهر بالجبال والشواطئ الساحرة وفاكهة المانجو، وبعد أن يقضي الصغير وقتاً في مشاهدة مقاطع كروية عبر "يوتيوب" لنجم الأهلي السابق خالد قهوجي، كان يرتدي الصغير قميصاً أخضراً، رقم (10)، ويذهب إلى نادي الأمجاد المحلي حيث يلعب الكرة مع أصدقائه هناك.
حاول توفيق عسيري، والد عبدالفتاح، تسجيل ابنه في فريق كبير عندما بلغ سن الـ12 عاماً، ولكن الهلال رفض التعاقد معه إثر تجربة قصيرة، وأيضاً رفضه مدرب فرنسي عمل في النادي الأهلي، ما أدخل عائلة اللاعب في حالة إحباط شديدة حتى تدخل الرئيس فيصل مدخلي وأقنع عبدالفتاح بالانضمام إلى فريق حطين، ووافق اللاعب بعد أن أطلق عبارته الشهيرة: "الهلال والأهلي جرحاني وسأنتقم منهما".
شعرت والدة عبدالفتاح بخطر وهي تشاهد ابنها يقضي أوقاتاً طويلة في النادي، وحينما يعود إلى المنزل لا يؤدي فروضه المدرسية وينشغل في أمور وتفاصيل تتعلق بكرة القدم، ما دعى الأم لتوبيخ ولدها قائلة: "لن تلعب سوى لنادي حطين وسترى"، ولكن الابن رد عليها بقوله: "لن تندمي وستصبحين فخورة بي قريباً".
غادر عبدالفتاح بلدته باتجاه جدة، حيث انتقل إلى نادي الاتحاد عام 2011، في صفقة أكد خلالها رئيس حطين بأن العميد كسب ميسي جازان، وهو ما جعل الإعلاميون يسخرون ويتندّرون من اللقب الجديد، بسبب جسد اللاعب الهزيل، بيد أن الفتى الجنوبي أثبت أنهم على خطأ، حينما حقق كأس الملك عام 2013 والتحق بالمنتخب السعودي وأصبح أحد أهم 5 مواهب سعودية.
تناقل الاتحاديون شائعة رحيل عبدالفتاح من النادي عام 2015، ولكن النجم رد عليهم في لقاء صحافي: "حبي القديم للأهلي لن يخلع قميص الاتحاد"، ولكنه بعد عام واحد ارتدى القميص الأخضر مقابل 20 مليون ريال، في صفقة أغضبت الكثير من المحبين والمشجعين، ويبدو أن صاحب القميص (45) حقق حلم الطفولة ووجد المال والمجد، وهو شيء يفتقده إريكسون مع توتنهام وقد يجده في برشلونة.