الثانية عشرة منتصف الليل، في شمال الرياض، ستسمع حتماً صوتاً عالياً من إحدى الاستراحات الملتصقة ببعضها، وقد يصاحب الصوت شتائم وألفاظاً قاسية تشعرك بوجود مشكلة كبيرة، ولكن ما يحدث أمرُ طبيعي حيث تقع العديد من الخلافات بين رباعي لعبة البلوت التي قد تنتهي لحظتها أو تصل إلى التشابك بالأيدي.

البلوت لعبة ورق تصنّف كأحد أهم وأشهر ألعاب التسلية في السعودية، وهي القاسم المشترك بين جميع الطبقات، سواء كانوا فقراء أو أغنياء، ولا تقتصر على جنس أو عمر محدد، وكل ما تحتاجه اللعبة 4 لاعبين ماهرين على الأرض لخلق جو تنافسي مثير.

ومع كل التطور التكنولوجي والكم الهائل من الألعاب الموجودة على الأجهزة الإلكترونية بما فيها لعبة "فيفا" لكرة القدم أو "فار كراي" المستوحاة من الحرب العالمية الثانية، ستبقى لعبة البلوت الأفضل على الإطلاق في السعودية حيث يلعبها الناس في المناسبات الاجتماعية والاستراحات والمنازل وربما أماكن العمل.

قبل أكثر من 100 عام، دخلت لعبة البلوت إلى السعودية بحسب كتاب علم "البلوت" الذي ألفه الأكاديمي السعودي فؤاد عنقاوي. فيما اختلفت المصادر حول أصل اللعبة، إذ قيل إن أصلها يرجع إلى الهند والصين، بينما جاءت التسمية نسبة لرجل فرنسي اسمه بيلوت هو من وضع قوانين اللعبة، وقيل أيضاً إن اسمها جاء من كلمة Plot الإنجليزية والتي تعني المكيدة أو الحنكة.

من أبرز الشخصيات العامة التي لعبت البلوت حول العالم، الملياردير الأميركي بيل غيتس والممثلة الويلزية كاثرين جونز ولاعبة التنس التشيكية مارتينا نافراتيلوفا، أما رياضياً فالهولندي بيرت فان مارفيك الذي درب المنتخب السعودي سابقا، قد حصل على بطولة "كلافيرغاس" العالمية عام 1975 وهو لم يتجاوز حينها 22 عاما.

ومن ضمن لاعبي البلوت بنسختها الأميركية والبريطانية، رئيس الوزراء البريطاني الشهير وينتسون تشرشل الذي قيل عنه أنه كان يستغل أوقات فراغه قبل توليه المنصب في لعب البلوت، وكذلك كان المناضل الهندي ماهاتما غاندي الذي يوصف بأنه أحد اللاعبين الماهرين.

اعتبرت مجلة "سبورت إلستراتيد" في مادة نشرتها عام 1962 أن الرئيس الأميركي السابق، دوايت آينزنهاور، واحدُ من أفضل اللاعبين في تاريخ اللعبة، واستمر يلعبها حتى بعد أن تقلد منصبه كالرئيس الرابع والثلاثين في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.

وتتجه الأنظار الأربعاء المقبل إلى العاصمة السعودية الرياض، حيث ستقام لأول مرة على مستوى الشرق الأوسط بطولة البلوت برعاية هيئة الرياضة ولمدة أربعة أيام، ضمن بجوائز تصل قيمتها لأكثر من مليون ريال، فيما تم الإعلان عن المشاركين بعدد بلغ 12 ألف و288 لاعباً يديرهم 414 حكماً خلال 40 جولة في مركز "أبكس" أو الصالة الخضراء.